( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير    ( 13 ) ) 
(   ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى    ) الآية . قال ابن عباس    : نزلت في  ثابت بن قيس  ، وقوله للرجل الذي لم يفسح له : ابن فلانة ، يعيره بأمه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من الذاكر فلانة ؟ فقال ثابت :  أنا يا رسول الله ، فقال : انظر في وجوه القوم فنظر فقال : ما رأيت يا ثابت  ؟ قال : رأيت أبيض وأحمر وأسود ، قال : فإنك لا تفضلهم إلا في الدين والتقوى ، فنزلت في ثابت  هذه الآية ، وفي الذي لم يتفسح : " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا    " ( المجادلة - 11 ) . 
وقال مقاتل    : لما كان يوم فتح مكة  أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا  حتى علا ظهر الكعبة  وأذن ، فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيص    : الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم ، وقال الحارث بن هشام    : أما وجد محمد  غير هذا الغراب الأسود مؤذنا ، وقال  سهيل بن عمرو    : إن يرد الله شيئا يغيره . وقال أبو سفيان    : إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء ، فأتى جبريل  فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا فأنزل الله تعالى هذه الآية وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والإزراء بالفقراء فقال : 
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى    ) يعني آدم  وحواء  أي إنكم متساوون في النسب . ( وجعلناكم شعوبا    ) جمع شعب بفتح الشين ، وهي رءوس القبائل مثل ربيعة  ومضر  والأوس  والخزرج ،  سموا شعوبا لتشعبهم واجتماعهم ، كشعب أغصان الشجر ، والشعب من الأضداد يقال : شعب ، أي : جمع ، وشعب أي : فرق . ( وقبائل ) وهي دون الشعوب ، واحدتها قبيلة وهي كبكر  من ربيعة  وتميم  من مضر ،  ودون القبائل العمائر ، واحدتها عمارة ، بفتح العين ، وهم كشيبان  من بكر  ، ودارم  من تميم  ، ودون العمائر البطون ، واحدتها بطن ، وهم كبني غالب  ولؤي  من قريش   [ ص: 348 ] ودون البطون الأفخاذ واحدتها فخذ ، وهم كبني هاشم وأمية  من بني لؤي  ، ثم الفصائل والعشائر واحدتها فصيلة وعشيرة ، وليس بعد العشيرة حي يوصف به . 
وقيل : الشعوب من العجم ، والقبائل من العرب ، والأسباط من بني إسرائيل . 
وقال أبو روق    : " الشعوب " الذين لا يعتزون إلى أحد ، بل ينتسبون إلى المدائن والقرى ، " والقبائل " : العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم . 
( لتعارفوا ) ليعرف بعضكم بعضا في قرب النسب وبعده ، لا ليتفاخروا . ثم أخبر أن أرفعهم منزلة عند الله أتقاهم فقال : 
( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير    ) قال قتادة  في هذه الآية : إن أكرم الكرم التقوى ، وألأم اللؤم الفجور . 
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي  ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه  ، أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي  ، حدثنا عبد بن حميد ،  حدثنا يونس بن محمد ،  حدثنا  سلام بن أبي مطيع  ، عن قتادة  ، عن الحسن  ، عن سمرة بن جندب  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :   " الحسب المال ، والكرم التقوى "   . 
وقال ابن عباس    : كرم الدنيا الغنى ، وكرم الآخرة التقوى   . 
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم  ، أنا عبد الله بن أحمد بن حمويه  ، أخبرنا إبراهيم بن خزيم  ، حدثنا عبد بن حميد  ، أخبرنا الضحاك بن مخلد  ، عن موسى بن عبيدة  ، عن  عبد الله بن دينار  ، عن ابن عمر  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه ، فلما خرج لم يجد مناخا ، فنزل على أيدي الرجال ، ثم قام فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : " الحمد لله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية وتكبرها [ بآبائها ] ، الناس رجلان بر تقي كريم على الله ، وفاجر شقي هين على الله [ ص: 349 ] ثم تلا " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " ، ثم قال : أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم " . 
أخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثنا  محمد هو ابن سلام  حدثنا عبدة  عن عبيد الله  ، عن سعيد بن أبي سعيد  ، عن  أبي هريرة    - رضي الله عنه - قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أكرم ؟ قال : أكرمهم عند الله أتقاهم ، قالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : فأكرم الناس يوسف  نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله . قالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : فعن معادن العرب تسألوني ؟ قالوا : نعم ، قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " . 
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر  ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد  ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي  ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ،  حدثنا مسلم بن الحجاج ،  حدثنا  عمرو الناقد  ، حدثنا كثير بن هشام  ، حدثنا جعفر بن برقان  ، عن يزيد بن الأصم  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم   " . 
				
						
						
