[ ص: 158 ]   [ سورة النساء ] 
سورة النساء - مدنية 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا    ( 1 ) وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا   ( 2 )   [ ص: 159 ] 
قوله تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة    ) يعني : آدم  عليه السلام ، ( وخلق منها زوجها    ) يعني : حواء ،    ( وبث منهما    ) نشر وأظهر ، ( رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به    ) أي : تتساءلون به ، وقرأ أهل الكوفة  بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين ، كقوله تعالى : ( ولا تعاونوا    ) ، ( والأرحام ) قراءة العامة بالنصب ، أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وقرأ حمزة  بالخفض ، أي : به وبالأرحام كما يقال : سألتك بالله والأرحام ، والقراءة الأولى أفصح لأن العرب لا تكاد =تنسق بظاهر على مكنى ، إلا أن تعيد الخافض فتقول : مررت به وبزيد ، إلا أنه جائز مع قلته ، ( إن الله كان عليكم رقيبا    ) أي : حافظا . 
قوله تعالى : ( وآتوا اليتامى أموالهم    ) قال مقاتل  والكلبي    : نزلت في رجل من غطفان  كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير ، فدفع إليه ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره " ، يعني : جنته ، فلما قبض الفتى ماله أنفق في سبيل الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ثبت الأجر وبقي الوزر " فقالوا : كيف بقي الوزر؟ فقال : " ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده "   . 
وقوله ( وآتوا ) خطاب للأولياء والأوصياء ، واليتامى : جمع يتيم ، واليتيم : اسم لصغير لا أب له ولا جد ، وإنما يدفع المال إليهم بعد البلوغ ، وسماهم يتامى هاهنا على معنى أنهم كانوا يتامى .   [ ص: 160 ] 
( ولا تتبدلوا ) أي : لا تستبدلوا ، ( الخبيث بالطيب    ) أي : مالهم الذي هو حرام ، عليكم بالحلال من أموالكم ، واختلفوا في هذا التبدل ، قال  سعيد بن المسيب  والنخعي   والزهري   والسدي    : كان أولياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتيم ويجعلونه مكان الرديء ، فربما كان أحدهما يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها المهزولة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويجعل مكانه =الزيف ، ويقول : درهم بدرهم ، فنهوا عن ذلك . 
وقيل : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث ، فنصيبه من الميراث طيب ، وهذا الذي يأخذه خبيث ، وقال مجاهد    : لا تتعجل الرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال . 
( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم    ) أي : مع أموالكم ، كقوله تعالى : ( من أنصاري إلى الله ) أي : مع الله ، ( إنه كان حوبا كبيرا    ) أي : إثما عظيما . 
				
						
						
