( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا    ( 7 ) وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا    ( 8 ) ) 
قوله تعالى : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون     ) الآية ، نزلت في أوس بن ثابت الأنصاري ،  توفي وترك امرأة يقال لها أم كجة  وثلاث بنات له منها . فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه سويد  وعرفجة ،  فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا ، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغار ، وإن كان الصغير ذكرا وإنما كانوا يورثون الرجال ، ويقولون : لا نعطي إلا من قاتل وحاز الغنيمة ، فجاءت أم كجة  فقالت : يا رسول الله إن أوس بن ثابت  مات وترك علي بنات وأنا امرأته ، وليس عندي ما أنفق عليهن ، وقد ترك أبوهن مالا حسنا ، وهو عند سويد  وعرفجة ،  ولم يعطياني ولا بناتي شيئا وهن في حجري ، لا يطعمن ولا يسقين ، فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله ولدها لا يركب فرسا ولا يحمل كلا ولا ينكأ عدوا ، فأنزل الله عز وجل ، ( للرجال ) يعني : للذكور من أولاد الميت وأقربائه ( نصيب ) حظ ( مما ترك الوالدان والأقربون ) من الميراث ، ( وللنساء ) للإناث منهم ، ( نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه    ) أي : من المال ، ( أو كثر ) منه ( نصيبا مفروضا ) نصب على القطع ، وقيل : جعل ذلك نصيبا فأثبت لهن الميراث ، ولم يبين كم هو ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سويد  وعرفجة  لا تفرقا من مال أوس بن ثابت  شيئا ، فإن الله تعالى جعل لبناته نصيبا مما ترك ، ولم يبين كم هو حتى أنظر ما ينزل فيهن ، فأنزل الله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم    ) فلما نزلت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سويد  وعرفجة    " أن ادفع إلى أم كجة  الثمن مما ترك وإلى بناته الثلثين ، ولكما باقي المال .   [ ص: 170 ] 
قوله تعالى : ( وإذا حضر القسمة    )  يعني : قسمة المواريث ، ( أولو القربى    ) الذين لا يرثون ، ( واليتامى والمساكين فارزقوهم منه    ) أي : فارضخوا لهم من المال قبل القسمة ، ( وقولوا لهم قولا معروفا    ) 
اختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال قوم : هي منسوخة ، وقال  سعيد بن المسيب  والضحاك    : كانت هذه قبل آية الميراث ، فلما نزلت آية الميراث جعلت المواريث لأهلها ، ونسخت هذه الآية . 
وقال الآخرون : هي محكمة ، وهو قول ابن عباس   والشعبي  والنخعي   والزهري ،  وقال مجاهد    : هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم . 
وقال الحسن    : كانوا يعطون التابوت والأواني ورث الثياب والمتاع والشيء الذي يستحيا من قسمته . 
وإن كان بعض الورثة طفلا فقد اختلفوا فيه ، فقال ابن عباس  رضي الله عنهما وغيره : إن كانت الورثة كبارا رضخوا لهم ، وإن كانت صغارا اعتذروا إليهم ، فيقول الولي والوصي : إني لا أملك هذا المال إنما هو للصغار ، ولو كان لي منه شيء لأعطيتكم ، وإن يكبروا فسيعرفون حقوقكم ، هذا هو القول بالمعروف   . 
وقال بعضهم : ذلك حق واجب في أموال الصغار والكبار ، فإن كانوا كبارا تولوا إعطاءهم ، وإن كانوا صغارا أعطى وليهم . روى  محمد بن سيرين  أن عبيدة السلماني  قسم أموال أيتام فأمر بشاة فذبحت فصنع طعاما لأهل هذه الآية ، وقال : لولا هذه الآية لكان هذا من مالي . 
وقال قتادة  عن  يحيى بن يعمر    : ثلاث آيات محكمات مدنيات تركهن الناس ، هذه الآية وآية الاستئذان : ( ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم    ) ( النور - 58 ) الآية ، وقوله تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى    ) ( الحجرات - 13 ) الآية . 
وقال بعضهم - وهو أولى الأقاويل - : إن هذا على الندب والاستحباب ، لا على الحتم والإيجاب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					