( هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون    ( 2 ) وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون    ( 3 ) ) 
قوله عز وجل : ( هو الذي خلقكم من طين     ) يعني آدم  عليه السلام ، خاطبهم به إذ كانوا من   [ ص: 127 ] ولده . قال  السدي    : بعث الله تعالى جبريل  عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطائفة منها ، فقالت الأرض إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني ، فرجع جبريل  ولم يأخذ وقال : يا رب إنها عاذت بك ، فبعث ميكائيل  ، فاستعاذت فرجع ، فبعث ملك الموت فعاذت منه بالله ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أخالف أمره ، فأخذ من وجه الأرض فخلط الحمراء والسوداء والبيضاء ، فلذلك اختلفت ألوان بني آدم ، ثم عجنها بالماء العذب والملح والمر ، فلذا اختلفت أخلاقهم فقال الله تعالى لملك الموت : رحم جبريل  وميكائيل  الأرض ولم ترحمها ، لا جرم أجعل أرواح من أخلق من هذا الطين بيدك   . 
وروي عن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : " خلق الله آدم  عليه السلام من تراب وجعله طينا  ، ثم تركه حتى كان حمأ مسنونا ثم خلقه وصوره وتركه حتى كان صلصالا كالفخار ، ثم نفخ فيه روحه "   . 
قوله عز وجل : ( ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده     ) قال الحسن  وقتادة  والضحاك    : الأجل الأول من الولادة إلى الموت ، والأجل الثاني من الموت إلى البعث ، وهو البرزخ ، وروي ذلك عن ابن عباس  ، وقال : لكل أحد أجلان أجل إلى الموت وأجل من الموت إلى البعث ، فإن كان برا تقيا وصولا للرحم زيد له من أجل البعث في أجل العمر ، وإن كان فاجرا قاطعا للرحم نقص من أجل العمر وزيد في أجل البعث ، وقال مجاهد   وسعيد بن جبير    : الأجل الأول أجل الدنيا ، والأجل الثاني أجل الآخرة ، وقال عطية  عن ابن عباس  رضي الله عنهما ( ثم قضى أجلا    ) يعني : النوم تقبض فيه الروح ثم ترجع عند اليقظة ، ( وأجل مسمى عنده    ) يعني : أجل الموت ، وقيل : هما واحد معناه : [ ثم قضى أجلا ] يعني : جعل لأعماركم مدة تنتهون إليها ، " وأجل مسمى عنده " يعني : وهو أجل مسمى عنده ، لا يعلمه غيره ، ( ثم أنتم تمترون    ) تشكون في البعث . 
قوله عز وجل : ( وهو الله في السموات وفي الأرض    ) يعني : وهو إله السموات والأرض ، كقوله : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) ، وقيل : هو المعبود في السموات والأرض ، وقال محمد بن جرير    : معناه هو في السموات يعلم سركم وجهركم في الأرض ، [ وقال الزجاج    : فيه تقديم وتأخير تقديره : وهو الله ، ( يعلم سركم وجهركم    ) في السموات والأرض ] ( ويعلم ما تكسبون    ) تعملون من الخير والشر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					