( فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين    ( 93 ) وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون    ( 94 ) ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون    ( 95 ) ) 
( فتولى ) أعرض ( عنهم ) شعيب  شاخصا من بين أظهرهم حين أتاهم العذاب ، ( وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى     ) أحزن ( على قوم كافرين    ) والأسى : الحزن ، والأسى : الصبر . 
قوله تعالى : ( وما أرسلنا في قرية من نبي    ) فيه إضمار ، يعني : فكذبوه ، ( إلا أخذنا    ) عاقبنا ( أهلها ) حين لم يؤمنوا ، ( بالبأساء والضراء    ) قال ابن مسعود    : البأساء : الفقر ، والضراء : المرض ، وهذا معنى قول من قال : البأساء في المال ، والضراء في النفس ، وقيل : البأساء البؤس وضيق العيش ، والضراء والضر سوء الحال . وقيل : البأساء في الحرب والضراء : الجدب ، ( لعلهم يضرعون    ) لكي يتضرعوا فيتوبوا . 
( ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة    ) يعني : مكان البأساء والضراء الحسنة ، يعني : النعمة والسعة والخصب والصحة ، ( حتى عفوا    ) أي : كثروا وازدادوا ، وكثرت أموالهم ، يقال : عفا الشعر إذا كثر . قال مجاهد    : كثرت أموالهم وأولادهم ( وقالوا ) من غرتهم وغفلتهم بعد ما صاروا إلى   [ ص: 260 ] الرخاء ، ( قد مس آباءنا الضراء والسراء    ) أي : هكذا كانت عادة الدهر قديما لنا ولآبائنا ، ولم يكن ما مسنا من الضراء عقوبة من الله ، فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم فإنهم لم يتركوا دينهم لما أصابهم من الضراء ، قال الله تعالى : ( فأخذناهم بغتة    ) فجأة آمن ما كانوا ( وهم لا يشعرون    ) بنزول العذاب . 
				
						
						
