[ ص: 262 ]   ( ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين    ( 103 ) وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين    ( 104 ) ( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل    ( 105 ) قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين    ( 106 ) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين    ( 107 ) ) 
قوله تعالى : ( ثم بعثنا من بعدهم    ) أي : من بعد نوح  وهود  وصالح  وشعيب  ، ( موسى بآياتنا    ) بأدلتنا ، ( إلى فرعون وملئه فظلموا بها    ) فجحدوا بها ، والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ، فظلمهم وضع الكفر موضع الإيمان ، ( فانظر كيف كان عاقبة المفسدين    ) وكيف فعلنا بهم . 
( وقال موسى    ) لما دخل على فرعون  ، ( يا فرعون إني رسول من رب العالمين    ) إليك ، فقال فرعون    : كذبت فقال موسى    : 
( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق     ) أي : أنا خليق بأن لا أقول على الله إلا الحق ، فتكون " على " بمعنى الباء كما يقال : رميت بالقوس ورميت على القوس ، وجئت على حال حسنة وبحال حسنة ، يدل عليه قراءة أبي   والأعمش    " حقيق على لا أقول على الله إلا الحق " وقال أبو عبيدة :  معناه حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق ، وقرأ نافع    ( علي ) بتشديد الياء أي حق واجب علي أن لا أقول على الله إلا الحق . ( قد جئتكم ببينة من ربكم    ) يعني العصا ، ( فأرسل معي بني إسرائيل    ) أي : أطلق عنهم وخلهم يرجعون إلى الأرض المقدسة ، وكان فرعون  قد استخدمهم في الأعمال الشاقة من ضرب اللبن ونقل التراب ونحوهما . 
فقال فرعون  مجيبا لموسى    : ( قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين    ) 
( فألقى ) موسى ( عصاه ) من يده ( فإذا هي ثعبان مبين     ) والثعبان : الذكر العظيم من الحيات ، فإن قيل : أليس قال في موضع : ( كأنها جان ) ( النمل - 10 ) ، والجان الحية الصغيرة؟ قيل : إنها كانت كالجان في الحركة والخفة ، وهي في جثتها حية عظيمة . 
قال ابن عباس   والسدي    : إنه لما ألقى العصا صارت حية عظيمة صفراء شعراء فاغرة فاها ما بين لحييها ثمانون ذراعا وارتفعت من الأرض بقدر ميل ، وقامت له على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في   [ ص: 263 ] الأرض والأعلى على سور القصر ، وتوجهت نحو فرعون  لتأخذه ، وروي أنها أخذت قبة فرعون  بين نابيها فوثب فرعون  من سريره هاربا وأحدث . 
قيل : أخذه البطن في ذلك اليوم أربعمائة مرة ، وحملت على الناس فانهزموا وصاحوا ومات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا ودخل فرعون  البيت وصاح يا موسى  أنشدك بالذي أرسلك خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل  ، فأخذها موسى  فعادت عصا كما كانت ثم قال فرعون    : هل معك آية أخرى؟ قال : نعم . 
 
				
 
						 
						

 
					 
					