[ ص: 308 ]   ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون    ( 181 ) والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون    ( 182 ) وأملي لهم إن كيدي متين    ( 183 ) أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين    ( 184 ) ) 
قوله تعالى : ( وممن خلقنا أمة     ) أي : عصابة ، ( يهدون بالحق وبه يعدلون    ) قال عطاء  عن ابن عباس    : يريد أمة محمد    - صلى الله عليه وسلم - ، وهم المهاجرون والتابعون لهم بإحسان . وقال قتادة    : بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ هذه الآية قال :   " هذه لكم وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها ، ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون    " . 
أخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أنا محمد بن يوسف  ، أنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثنا  الحميدي  ، حدثني الوليد  ، حدثني ابن جابر  ، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر  ، حدثني عمير بن هانئ  أنه سمع معاوية  رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :   " لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك "   . وقال الكلبي    : هم من جميع الخلق . 
( والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون    ) قال عطاء    : سنمكر بهم من حيث لا يعلمون . وقيل : نأتيهم من مأمنهم ، كما قال : " فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا    " ( الحشر - 2 ) ، قال الكلبي    : يزين لهم أعمالهم ويهلكهم . وقال الضحاك    : كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة . قال  سفيان الثوري    : نسبغ عليهم النعمة وننسيهم الشكر . قال أهل المعاني : الاستدراج أن يتدرج إلى الشيء في خفية قليلا قليلا فلا يباغت ولا يجاهر ، ومنه درج الصبي إذا قارب بين خطاه في المشي ، ومنه درج الكتاب إذا طواه شيئا بعد شيء . 
( وأملي لهم    ) أي : أمهلهم وأطيل لهم مدة عمرهم ليتمادوا في المعاصي ، ( إن كيدي متين    ) أي : إن أخذي قوي شديد ، قال ابن عباس    : إن مكري شديد . قيل : نزلت في المستهزئين ، فقتلهم الله في ليلة واحدة .   [ ص: 309 ] 
قوله تعالى : ( أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة    ) قال قتادة  ذكر لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام على الصفا  ليلا فجعل يدعو قريشا  فخذا فخذا : يا بني فلان ، يا بني فلان ، يحذرهم بأس الله ووقائعه ، فقال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون ، بات يصوت إلى الصباح ، فأنزل الله تعالى : " أولم يتفكروا ما بصاحبهم " محمد    - صلى الله عليه وسلم - : ( من جنة ) جنون ، ( إن هو ) ما هو ، ( إلا نذير مبين    ) ثم حثهم على النظر المؤدي إلى العلم  فقال : 
				
						
						
