( كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون    ( 8 ) . 
قوله تعالى : ( كيف وإن يظهروا عليكم    )  هذا مردود على الآية الأولى تقديره : كيف يكون لهم عهد عند الله كيف وإن يظهروا عليكم! ( لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة    ) قال الأخفش    : كيف لا تقتلونهم وهم إن يظهروا عليكم أي : يظفروا بكم ، لا يرقبوا : لا يحفظوا؟ وقال الضحاك    : لا ينتظروا . وقال قطرب    : لا يراعوا فيكم إلا . قال ابن عباس  والضحاك    : قرابة . وقال يمان    : رحما . وقال قتادة    : الإل الحلف . وقال  السدي    : هو العهد . وكذلك الذمة ، إلا أنه كرر لاختلاف اللفظين . وقال أبو مجلز  ومجاهد    : الإل هو الله عز وجل . وكان  عبيد بن عمير  يقرأ : " جبر إل " بالتشديد ، يعني : " عبد الله    " . وفي الخبر أن ناسا قدموا على أبي بكر  من قوم مسيلمة الكذاب  ، فاستقرأهم أبو بكر  كتاب مسيلمة  فقرؤوا ، فقال أبو بكر  رضي الله عنه : إن هذا الكلام لم يخرج من إل ، أي : من الله   . 
والدليل على هذا التأويل قراءة عكرمة    " لا يرقبون في مؤمن إيلا " بالياء ، يعني : الله عز وجل . مثل جبرائيل  وميكائيل    . ولا ذمة أي : عهدا . ( يرضونكم بأفواههم    ) أي : يعطونكم بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم ، ( وتأبى قلوبهم    ) الإيمان ، ( وأكثرهم فاسقون    ) . 
فإن قيل : هذا في المشركين وكلهم فاسقون فكيف قال : " وأكثرهم فاسقون    " ؟   [ ص: 16 ] قيل : أراد بالفسق : نقض العهد ، وكان في المشركين من وفى بعهده ، وأكثرهم نقضوا ، فلهذا قال : " وأكثرهم فاسقون    " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					