( فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم     ( 39 ) . 
( فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه    ) يهينه ، ( ويحل عليه ) يجب عليه ، ( عذاب مقيم ) دائم .   [ ص: 176 ]   ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل    ( 40 ) . 
( حتى إذا جاء أمرنا    ) عذابنا ، ( وفار التنور ) اختلفوا في التنور قال عكرمة   والزهري    : هو وجه الأرض ، وذلك أنه قيل لنوح    : إذا رأيت الماء فار على وجه الأرض فاركب السفينة . 
وروي عن علي  رضي الله عنه أنه قال : فار التنور أي : طلع الفجر ونور الصبح . 
وقال الحسن  ومجاهد   والشعبي :  إنه التنور الذي يخبز فيه ، وهو قول أكثر المفسرين . 
ورواية عطية عن ابن عباس  قال الحسن    : كان تنورا من حجارة ، كانت حواء تخبز فيه فصار إلى نوح  عليه السلام ، فقيل لنوح    : إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك . 
واختلفوا في موضعه ، قال مجاهد   والشعبي    : كان في ناحية الكوفة ،  وكان الشعبي  يحلف : ما فار التنور إلا من ناحية الكوفة    . وقال : اتخذ نوح  السفينة في جوف مسجد الكوفة    . وكان التنور على يمين الداخل مما يلي باب كندة ،  وكان فوران الماء منه علما لنوح  عليه السلام . 
وقال مقاتل    : كان ذلك تنور آدم ،  وكان بالشام  بموضع يقال له : عين وردة    . 
وروي عن ابن عباس    : أنه كان بالهند .  
والفوران : الغليان . 
قوله تعالى : ( قلنا احمل فيها ) أي في السفينة ، ( من كل زوجين اثنين ) الزوجان : كل اثنين لا يستغني أحدهما عن الآخر ، يقال لكل واحد منهما زوج ، يقال : زوج خف وزوج نعل ، والمراد بالزوجين هاهنا : الذكر والأنثى . 
قرأ حفص  هاهنا وفي سورة المؤمنين " " من كل " بالتنوين أي : من كل صنف زوجين اثنين ، ذكره تأكيدا . 
وفي القصة : أن نوحا  عليه الصلاة والسلام قال : يا رب كيف أحمل من كل زوجين اثنين؟ فحشر الله إليه السباع والطير ، فجعل يضرب بيده في كل جنس فيقع الذكر في يده اليمنى والأنثى في يده اليسرى ، فيحملها في السفينة . 
( وأهلك ) أي : واحمل أهلك ، أي : ولدك وعيالك ، ( إلا من سبق عليه القول ) بالهلاك ،   [ ص: 177 ] يعني : امرأته واعلة وابنه كنعان ، ( ومن آمن ) يعني : واحمل من آمن بك ، كما قال الله تعالى : ( وما آمن معه إلا قليل ) واختلفوا في عددهم : قال قتادة   وابن جريج   ومحمد بن كعب القرظي    : لم يكن في السفينة إلا ثمانية نفر : نوح ،  وامرأته ، وثلاثة بنين له سام  وحام  ويافث ،  ونساؤهم . 
وقال الأعمش    : كانوا سبعة . نوح  وثلاثة بنين له ، وثلاث كنائن له . 
وقال ابن إسحاق    : كانوا عشرة سوى نسائهم . نوح  وبنوه سام  وحام  ويافث  وستة أناس ممن كان آمن به وأزواجهم جميعا . 
وقال مقاتل    : كانوا اثنين وسبعين نفرا رجلا وامرأة وبنيه الثلاثة ونساءهم ، فجميعهم ثمانية وسبعون ، نصفهم رجال ونصفهم نساء . 
وعن ابن عباس  رضي الله عنهما قال : كان في سفينة نوح  ثمانون رجلا أحدهم جرهم . 
قال مقاتل    : حمل نوح  معه جسد آدم فجعله معترضا بين الرجال والنساء وقصد نوحا  جميع الدواب والطيور ليحملها . 
قال ابن عباس  رضي الله عنهما : أول ما حمل نوح  الدرة وآخر ما حمل الحمار ، فلما دخل الحمار ودخل صدره تعلق إبليس بذنبه ، فلم يستقل رجلاه ، فجعلنوح  يقول : ويحك ادخل : فنهض فلم يستطع ، حتى قال نوح    : ويحك ادخل وإن الشيطان معك كلمة زلت على لسانه ، فلما قالها نوح  خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان ، فقال له نوح    : ما أدخلك علي يا عدو الله؟ قال : ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك ، قال : اخرج عني يا عدو الله ، قال : مالك بد من أن تحملني معك ، فكان فيما يزعمون في ظهر الفلك . 
وروي عن بعضهم : أن الحية والعقرب أتيا نوحا  فقالتا : احملنا ، فقال : إنكما سبب الضر والبلاء ، فلا أحملكما ، فقالتا له : احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضر أحدا ذكرك فمن قرأ حين خاف مضرتهما سلام على نوح في العالمين  ما ضرتاه . 
قال الحسن    : لم يحمل نوح  في السفينة إلا ما يلد ويبيض ، فأما ما يتولد من الطين من حشرات الأرض كالبق والبعوض فلم يحمل منها شيئا . 
				
						
						
