( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال    ( 12 ) ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال    ( 13 ) . 
قوله عز وجل : ( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا    ) قيل : خوفا من الصاعقة ، طمعا في نفع المطر . وقيل : الخوف للمسافر ، يخاف منه الأذى والمشقة ، والطمع للمقيم يرجو منه البركة والمنفعة . 
وقيل : الخوف من المطر في غير مكانه وإبانه ، والطمع إذا كان في مكانه وإبانه ، ومن البلدان ما إذا أمطروا قحطوا وإذا لم يمطروا أخصبوا . 
( وينشئ السحاب الثقال    ) بالمطر . يقال : أنشأ الله السحابة فنشأت أي : أبداها فبدت ، والسحاب جمع ، واحدتها سحابة قال علي  رضي الله عنه : السحاب غربال الماء   . 
( ويسبح الرعد بحمده    ) أكثر المفسرين على أن الرعد اسم ملك يسوق السحاب ، والصوت المسموع منه تسبيحه . 
قال ابن عباس    : من سمع صوت الرعد فقال : سبحان الذي يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير ، فإن أصابته صاعقة فعلي ديته   . 
وعن عبد الله بن الزبير    : أنه كان إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث : وقال : " سبحان من يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته ، ويقول : إن هذا الوعيد لأهل الأرض شديد   . 
وفي بعض الأخبار يقول الله تعالى :   " لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل ، ولأطلعت عليهم الشمس بالنهار ، ولم أسمعهم صوت الرعد "  [ ص: 304 ] 
وقال جويبر ،  عن الضحاك ،  عن ابن عباس    : الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه إلى حيث يؤمر ، وأن بحور الماء في نقرة إبهامه ، وأنه يسبح الله تعالى ، فإذا سبح لا يبقى ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل القطر   . ( والملائكة من خيفته    ) أي : تسبح الملائكة من خيفة الله عز وجل وخشيته . وقيل : أراد بهؤلاء الملائكة أعوان الرعد ، جعل الله تعالى له أعوانا ، فهم خائفون خاضعون طائعون . 
قوله تعالى : ( ويرسل الصواعق    ) جمع صاعقة ، وهي : العذاب المهلك ، ينزل من البرق فيحرق من يصيبه ( فيصيب بها من يشاء    ) كما أصاب أربد بن ربيعة    . وقال  محمد بن علي الباقر    : الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر . 
( وهم يجادلون    ) يخاصمون ( في الله ) نزلت في شأن أربد بن ربيعة  حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم : مم ربك أمن در أم من ياقوت أم من ذهب ؟ فنزلت صاعقة من السماء فأحرقته . 
وسئل الحسن  عن قوله عز وجل : ( ويرسل الصواعق    ) الآية ، قال : كان رجل من طواغيت العرب  بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم نفرا يدعونه إلى الله ورسوله . فقال لهم : أخبروني عن رب محمد  هذا الذي تدعونني إليه مم هو ؟ من ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس ؟ فاستعظم القوم مقالته فانصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا رجلا أكفر قلبا ولا أعتى على الله منه ؟ فقال : ارجعوا إليه ، فرجعوا إليه فجعل لا يزيدهم على مثل مقالته الأولى ، وقال : أجيب محمدا  إلى رب لا أراه ولا أعرفه . فانصرفوا وقالوا : يا رسول الله ما زادنا على مقالته الأولى وأخبث . 
فقال : ارجعوا إليه ، فرجعوا ، فبينما هم عنده ينازعونه ويدعونه ، وهو يقول هذه المقالة إذ ارتفعت سحابة ، فكانت فوق رءوسهم ، فرعدت وبرقت ، ورمت بصاعقة ، فاحترق الكافر ، وهم جلوس ، فجاءوا يسعون ليخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستقبلهم قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا لهم : احترق صاحبكم . فقالوا : من أين علمتم فقالوا : أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله    )   .   [ ص: 305 ] 
( وهو شديد المحال    ) قال علي  رضي الله عنه : شديد الأخذ . 
وقال ابن عباس    : شديد الحول . 
وقال الحسن    : شديد الحقد . 
وقال مجاهد    : شديد القوة . 
وقال أبو عبيدة    : شديد العقوبة . 
وقيل : شديد المكر . 
والمحال والمماحلة : المماكرة والمغالبة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					