( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت  ومن ورائه عذاب غليظ    ( 17 ) . 
( يتجرعه ) أي : يتحساه ويشربه ، لا بمرة واحدة ، بل جرعة جرعة ، لمرارته وحرارته ( ولا يكاد يسيغه    ) و " يكاد " : صلة ، أي : لا يسيغه ، كقوله تعالى : ( لم يكد يراها    ) ( النور - 40 ) أي : لم يرها . 
قال ابن عباس    - رضي الله عنهما - : لا يجيزه . 
وقيل : معناه يكاد لا يسيغه ، ويسيغه فيغلي في جوفه .   [ ص: 342 ] 
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة  ، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث  ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي  ، أخبرنا عبد الله بن محمود  ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال  ، حدثنا  عبد الله بن المبارك  ، عن  صفوان بن عمرو  ، عن عبد الله بن بسر ،  عن أبي أمامة    - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " ويسقى من ماء صديد يتجرعه " ، قال : يقرب إلى فيه فيتكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه ، حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل : ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم    ) ( محمد - 15 ) ، ويقول : ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه    ) ( الكهف - 29 ) . 
وقوله عز وجل : ( ويأتيه الموت من كل مكان    ) يعني : يجد هم الموت وألمه من كل مكان من أعضائه . 
قال إبراهيم التيمي    : حتى من تحت كل شعرة من جسده . 
وقيل : يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه ، ومن فوقه ومن تحته ، وعن يمينه وعن شماله . 
( وما هو بميت    ) فيستريح ، قال  ابن جريج    : تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة . نظيرها (ثم لا يموت فيها ولا يحيا    ) ( الأعلى - 13 ) . 
( ومن ورائه    ) أمامه ( عذاب غليظ ) شديد ، وقيل : العذاب الغليظ الخلود في النار . 
) ومن ورائه ( أمامه ، ) عذاب غليظ ( شديد ، وقيل : العذاب الغليظ الخلود في النار . 
				
						
						
