( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام    ( 35 ) رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم    ( 36 ) . 
قوله عز وجل : ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد     ) يعني : الحرم    ( آمنا ) ذا أمن يؤمن فيه ( واجنبني ) أبعدني ( وبني أن نعبد الأصنام    ) يقال : جنبته الشيء ، وأجنبته جنبا ، وجنبته تجنيبا واجتنبته اجتنابا بمعنى واحد . 
فإن قيل : قد كان إبراهيم  عليه السلام معصوما من عبادة الأصنام ، فكيف يستقيم السؤال ؟ وقد عبد كثير من بنيه الأصنام فأين الإجابة ؟ 
قيل : الدعاء في حق إبراهيم  عليه السلام لزيادة العصمة والتثبيت ، وأما دعاؤه لبنيه : فأراد بنيه من صلبه ، ولم يعبد منهم أحد الصنم . 
وقيل : إن دعاءه لمن كان مؤمنا من بنيه . 
( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس    ) يعني ضل بهن كثير [ من الناس ] عن طريق الهدى حتى عبدوهن ، وهذا هو المقلوب ، نظيره قوله تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) ( آل عمران - 175 )   [ ص: 355 ] أي : يخوفهم بأوليائه . 
وقيل : نسب الإضلال إلى الأصنام لأنهن سبب فيه ، كما يقول القائل : فتنتني الدنيا ، نسب الفتنة إلى الدنيا لأنها سبب الفتنة . 
( فمن تبعني فإنه مني    ) أي : من أهل ديني ( ومن عصاني فإنك غفور رحيم    ) قال  السدي    : معناه : ومن عصاني ثم تاب . 
وقال مقاتل بن حيان    : ومن عصاني فيما دون الشرك . 
وقيل : قال ذلك قبل أن يعلمه الله أنه لا يغفر الشرك . 
				
						
						
