[ ص: 35 ]   ( ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون     ( 79 ) ( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين    ( 80 ) والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون    ( 81 ) ) 
( ألم يروا ) قرأ ابن عامر  ، وحمزة  ، ويعقوب    : بالتاء ، والباقون بالياء لقوله : " ويعبدون " . ( إلى الطير مسخرات    ) مذللات ، ( في جو السماء    ) وهو الهواء بين السماء والأرض . عن كعب الأحبار  أن الطير ترتفع اثني عشر ميلا ولا يرتفع فوق هذا ، وفوق الجو السكاك ، وفوق السكاك السماء   ( ما يمسكهن ) في الهواء ( إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون    ( والله جعل لكم من بيوتكم    ) [ التي هي من الحجر والمدر ] ( سكنا ) أي : مسكنا تسكنونه ، ( وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا    ) يعني الخيام ، والقباب ، والأخبية ، والفساطيط من الأنطاع والأدم ( تستخفونها ) أي : يخف عليكم حملها ، ( يوم ظعنكم    ) رحلتكم في سفركم ، قرأ ابن عامر  ، وأهل الكوفة  ، ساكنة العين ، والآخرون بفتحها ، وهو أجزل اللغتين ، ( ويوم إقامتكم    ) في بلدكم لا تثقل عليكم في الحالين . 
( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها    ) يعني : أصواف الضأن ، وأوبار الإبل ، وأشعار المعز ، والكنايات راجعة إلى الأنعام ، ( أثاثا ) قال ابن عباس    : مالا . قال مجاهد    : متاعا . 
قال القتيبي    : " الأثاث " : المال أجمع ، من الإبل والغنم والعبيد ، والمتاع . 
وقال غيره : هو متاع البيت من الفرش والأكسية . 
( ومتاعا ) بلاغا ينتفعون بها ، ( إلى حين ) يعني الموت . وقيل : إلى حين تبلى . ( والله جعل لكم مما خلق ظلالا    ) تستظلون بها من شدة الحر ، وهي ظلال الأبنية والأشجار ،   [ ص: 36 ]   ( وجعل لكم من الجبال أكنانا    ) يعني : الأسراب ، والغيران ، واحدها كن ( وجعل لكم سرابيل    ) قمصا من الكتان والقز ، والقطن ، والصوف ، ( تقيكم ) تمنعكم ، ( الحر ) قال أهل المعاني : أراد الحر والبرد فاكتفى بذكر أحدهما لدلالة الكلام عليه . ( وسرابيل تقيكم بأسكم    ) يعني : الدروع ، والبأس : الحرب ، يعني : تقيكم في بأسكم السلاح أن يصيبكم . 
( كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون    ) تخلصون له الطاعة . 
قال  عطاء الخراساني    : إنما أنزل القرآن على قدر معرفتهم ، فقال : وجعل لكم من الجبال أكنانا ، وما جعل [ لهم ] من السهول أكثر وأعظم ، ولكنهم كانوا أصحاب جبال كما قال : " ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها    " لأنهم كانوا أصحاب وبر ، وشعر ، وكما قال : " وينزل من السماء من جبال فيها من برد    " ( النور - 43 ) وما أنزل من الثلج أكثر ، ولكنهم كانوا لا يعرفون الثلج . وقال : " تقيكم الحر    " وما تقي من البرد أكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب حر . 
				
						
						
