الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
153 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبيه nindex.php?page=hadith&LINKID=650150عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=18369_26924_363إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه ولا يتنفس في الإناء
قوله : ( باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال ) أشار بهذه الترجمة إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين كما في الباب قبله محمول على المقيد بحالة البول فيكون ما عداه مباحا . وقال بعض العلماء : يكون ممنوعا أيضا من باب الأولى لأنه نهي عن ذلك مع مظنة الحاجة في تلك الحالة . وتعقبه أبو محمد بن أبي جمرة بأن مظنة الحاجة لا تختص بحالة الاستنجاء ، وإنما خص النهي بحالة البول من جهة أن مجاور الشيء يعطى حكمه ، فلما منع الاستنجاء باليمين منع مس آلته حسما للمادة .
ثم استدل على الإباحة بقوله - صلى الله عليه وسلم - لطلق بن علي حين سأله عن مس ذكره : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883647إنما هو بضعة منك " فدل على الجواز في كل حال ، فخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح وبقي ما عداها على الإباحة ، انتهى . والحديث الذي أشار إليه صحيح أو حسن ، وقد يقال حمل المطلق على المقيد غير متفق عليه بين العلماء ، ومن قال به يشترط فيه شروطا ، لكن نبه ابن دقيق العيد على أن محل الاختلاف إنما هو حيث تتغاير مخارج الحديث بحيث يعد حديثين مختلفين ، فأما إذا اتحد المخرج وكان الاختلاف فيه من بعض الرواة فينبغي حمل المطلق على المقيد بلا خلاف ; لأن التقييد حينئذ يكون زيادة من عدل فتقبل .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف ) هو الفريابي ، وقد صرح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في روايته بسماع يحيى له من عبد الله بن أبي قتادة ، وصرح ابن المنذر في الأوسط بالتحديث في جميع الإسناد ، أورده من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي فحصل الأمن من محذور التدليس .
قوله : ( فلا يأخذن ) كذا لأبي ذر بنون التأكيد ولغيره بدونها ، وهو مطابق لقوله في الترجمة " لا يمسك " وكذا في مسلم التعبير بالمسك من رواية همام عن يحيى ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " لا يمس " فاعترض على ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأن المس أعم من المسك ، يعني فكيف يستدل بالأعم على الأخص ؟ ولا إيراد على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من هذه الحيثية لما بيناه . واستنبط منه بعضهم منع الاستنجاء باليد التي فيها الخاتم المنقوش فيه اسم الله تعالى لكون النهي عن ذلك لتشريف اليمين فيكون ذلك من باب الأولى ، وما وقع في العتبية عن مالك من عدم الكراهة قد أنكره حذاق أصحابه ، وقيل : الحكمة في النهي لكون اليمين معدة للأكل بها فلو تعاطى ذلك بها لأمكن أن يتذكره عند الأكل فيتأذى بذلك . والله أعلم .
قوله : ( ولا يتنفس في الإناء ) جملة خبرية مستقلة إن كانت لا نافية ، وإن كانت ناهية فمعطوفة ، [ ص: 307 ] لكن لا يلزم من كون المعطوف عليه مقيدا بقيد أن يكون المعطوف مقيدا به ; لأن التنفس لا يتعلق بحالة البول وإنما هو حكم مستقل ، ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكرها هنا أن الغالب من أخلاق المؤمنين التأسي بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد كان إذا بال توضأ ، وثبت أنه شرب فضل وضوئه ، فالمؤمن بصدد أن يفعل ذلك ، فعلمه أدب الشرب مطلقا لاستحضاره ، والتنفس في الإناء مختص بحالة الشرب كما دل عليه سياق الرواية التي قبله . وللحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " nindex.php?page=hadith&LINKID=883648لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه " والله أعلم .