الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4965 حدثني nindex.php?page=showalam&ids=14106الحسن بن صباح سمع nindex.php?page=showalam&ids=11955الربيع بن نافع حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن nindex.php?page=showalam&ids=17389يعلى بن حكيم عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أنه أخبره أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول nindex.php?page=treesubj&link=12129_33373إذا حرم امرأته ليس بشيء وقال nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
قوله ( حدثني الحسن ابن الصباح ) هو البزار آخره راء مهملة وهو واسطي نزل بغداد ، وثقه الجمهور ولينه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي قليلا ، وأخرج عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الإيمان والصلاة وغيرهما فلم يكثر ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن الحسن ابن الصباح الزعفراني ، لكن إذا وقع هكذا يكون نسب لجده فهو الحسن بن محمد بن الصباح وهو المروي عنه في [ ص: 288 ] الحديث الثاني من هذا الباب ، وفي الرواة من شيوخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومن في طبقتهم محمد بن الصباح الدولابي أخرج عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الصلاة والبيوع وغيرهما ، وليس هو أخا للحسن بن الصباح nindex.php?page=showalam&ids=16914ومحمد بن الصباح الجرجرائي أخرج عنه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وهو غير الدولابي ، nindex.php?page=showalam&ids=16416وعبد الله بن الصباح العطار أخرج عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في البيوع وغيره وليس أحد من هؤلاء أخا للآخر .
قوله ( سمع الربيع بن نافع ) أي أنه سمع ولفظ " أنه " يحذف خطا وينطق به ، وقل من نبه عليه كما وقع التنبيه على لفظ " قال " . والربيع بن نافع هو أبو توبة بفتح المثناة وسكون الواو بعدها موحدة مشهور بكنيته أكثر من اسمه ، حلبي نزل طرسوس ، أخرج عنه الستة إلا الترمذي بواسطة إلا أبا داود فأخرج عنه الكثير بغير واسطة وأخرج عنه بواسطة أيضا . وأدركه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولكن لم أر له عنه في هذا الكتاب شيئا بغير واسطة ، وأخرج عنه بواسطة إلا الموضع المتقدم في المزارعة فإنه قال فيه " قال الربيع بن نافع " ولم يقل " حدثنا " فما أدري لقيه أو لم يلقه ، وليس له عنده إلا هـذان الموضعان .
قوله ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية ) هو ابن سلام بتشديد اللام وشيخه يحيى ومن فوقه ثلاثة من التابعين في نسق .
قوله ( إذا حرم امرأته ليس بشيء ) كذا للكشميهني وللأكثر " ليست " أي الكلمة وهي قوله أنت علي حرام أو محرمة أو نحو ذلك .
قوله ( وقال ) أي ابن عباس مستدلا على ما ذهب إليه بقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة يشير بذلك إلى قصة التحريم ، وقد وقع بسط ذلك في تفسير سورة التحريم ، وذكرت في " باب موعظة الرجل ابنته " في كتاب النكاح في شرح الحديث المطول في ذلك من رواية ابن عباس عن عمر بيان الاختلاف هل المراد تحريم العسل أو تحريم مارية وأنه قيل في السبب غير ذلك ، واستوعبت ما يتعلق بوجه الجمع بين تلك الأقوال بحمد الله تعالى . وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بسند صحيح عن أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=3503718أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها ، فلم تزل به حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة حتى حرمها ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك وهذا أصح طرق هذا السبب ، وله شاهد مرسل أخرجه الطبري بسند صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم التابعي الشهير قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503719أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم إبراهيم ولده في بيت بعض نسائه ، فقالت : يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي ، فجعلها عليه حراما ، فقالت : يا رسول الله كيف تحرم عليك الحلال ! فحلف لها بالله لا يصيبها ، فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك " قال nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : فقول الرجل لامرأته أنت علي حرام لغو ، وإنما تلزمه كفارة يمين إن حلف . وقوله " ليس بشيء " يحتمل أن يريد بالنفي التطليق ، ويحتمل أن يريد به ما هـو أعم من ذلك والأول أقرب ، ويؤيده ما تقدم في التفسير من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد موضعها " في الحرام يكفر " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14656محمد بن المبارك الصوري عن nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية بن سلام بإسناد حديث الباب بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=3503720إذا حرم الرجل امرأته فإنما هـي يمين يكفرها فعرف أن المراد بقوله " ليس بشيء " أي ليس بطلاق . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وابن مردويه من طريق سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا جاءه فقال : إني جعلت امرأتي علي حراما ، قال : كذبت ما هـي بحرام ، ثم تلا nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ثم قال له عليك رقبة اهـ وكأنه أشار عليه بالرقبة لأنه عرف أنه موسر ، فأراد أن يكفر بالأغلظ من كفارة اليمين لا أنه تعين عليه عتق الرقبة ، ويدل عليه ما تقدم عنه من التصريح بكفارة اليمين . ثم ذكر [ ص: 289 ] المصنف حديث عائشة في قصة شرب النبي صلى الله عليه وسلم العسل عند بعض نسائه فأورده من وجهين : أحدهما من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير عن عائشة وفيه أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش ، والثاني من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وفيه أن شرب العسل كان عند nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة بنت عمر ، فهذا ما في الصحيحين . وأخرج ابن مردويه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن شرب العسل كان عند سودة ، وأن عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة هما اللتان تواطأتا على وفق ما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير وإن اختلفا في صاحبة العسل . وطريق الجمع بين هذا الاختلاف الحمل على التعدد فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد ، فإن جنح إلى الترجيح فرواية nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير أثبت لموافقة ابن عباس لها على أن المتظاهرتين حفصة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة على ما تقدم في التفسير وفي الطلاق من جزم عمر بذلك ، فلو كانت حفصة صاحبة العسل لم تقرن في التظاهر بعائشة ، لكن يمكن تعدد القصة في شرب العسل وتحريمه واختصاص النزول بالقصة التي فيها أن عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة هما المتظاهرتان ، ويمكن أن تكون القصة التي وقع فيها شرب العسل عند حفصة كانت سابقة . ويؤيد هذا الحمل أنه لم يقع في طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة التي فيها أن شرب العسل كان عند حفصة تعرض للآية ولا لذكر سبب النزول ، والراجح أيضا أن صاحبة العسل زينب لا سودة لأن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير أثبت من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة بكثير ، ولا جائز أن تتحد بطريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة لأن فيها أن سودة كانت ممن وافق عائشة على قولها " أجد ريح مغافير " ويرجحه أيضا ما مضى في كتاب الهبة عن عائشة " أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن حزبين : أنا nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة nindex.php?page=showalam&ids=199وصفية في حزب ، nindex.php?page=showalam&ids=15953وزينب بنت جحش nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة والباقيات في حزب " فهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل ولهذا غارت عائشة منها لكونها من غير حزبها والله أعلم ، وهذا أولى من جزم الداودي بأن تسمية التي شربت العسل حفصة غلط وإنما هـي nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي أو زينب بنت جحش ، وممن جنح إلى الترجيح عياض ، ومنه تلقف القرطبي ، وكذا نقله النووي عن عياض وأقره فقال عياض : رواية nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير أولى لموافقتها ظاهر كتاب الله ، لأن فيه nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4وإن تظاهرا عليه فهما ثنتان لا أكثر ، ولحديث ابن عباس عن عمر ، قال فكأن الأسماء انقلبت على راوي الرواية الأخرى ، وتعقب الكرماني مقالة عياض فأجاد فقال : متى جوزنا هـذا ارتفع الوثوق بأكثر الروايات . وقال القرطبي : الرواية التي فيها أن المتظاهرات عائشة nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة nindex.php?page=showalam&ids=199وصفية ليست بصحيحة لأنها مخالفة للتلاوة لمجيئها بلفظ خطاب الاثنين ولو كانت كذلك لجاءت بخطاب جماعة المؤنث . ثم نقل عن الأصيلي وغيره أن رواية nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير أصح وأولى ، وما المانع أن تكون قصة حفصة سابقة ، فلما قيل له ما قيل ترك الشرب من غير تصريح بتحريم ولم ينزل في ذلك شيء ، ثم لما شرب في بيت زينب تظاهرت عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة على ذلك القول فحرم حينئذ العسل فنزلت الآية . قال : وأما ذكر سودة مع الجزم بالتثنية فيمن تظاهر منهن فباعتبار أنها كانت كالتابعة nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة ولهذا وهبت يومها لها ، فإن كان ذلك قبل الهبة فلا اعتراض بدخوله عليها ، وإن كان بعده فلا يمتنع هبتها يومها nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة أن يتردد إلى سودة . قلت : لا حاجة إلى الاعتذار عن ذلك ، فإن ذكر سودة إنما جاء في قصة شرب العسل عند حفصة ولا تثنية فيه ولا نزول على ما تقدم من الجمع الذي ذكره ، وأما قصة العسل عند زينب بنت جحش فقد صرح فيه بأن عائشة قالت " تواطأت أنا nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة " فهو مطابق لما جزم به عمر من أن المتظاهرتين عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة وموافق لظاهر الآية والله أعلم . ووجدت لقصة شرب العسل عند حفصة شاهدا في تفسير ابن مردويه من طريق يزيد بن رومان عن ابن عباس ورواته لا بأس بهم ، وقد أشرت إلى غالب ألفاظه ، ووقع في تفسير nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أن شرب العسل كان عند أم سلمة أخرجه الطبري وغيره وهو مرجوح لإرساله وشذوذه ، والله أعلم .