الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5144 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14181حفص بن عمر حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16961محمد هو ابن زياد قال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=655039عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=19539_19508_24554_18184إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو لقمة أو لقمتين فإنه ولي حره وعلاجه
قوله ( باب nindex.php?page=treesubj&link=18184_18186_24554الأكل مع الخادم ) أي على قصد التواضع ، والخادم يطلق على الذكر والأنثى أعم من أن يكون [ ص: 495 ] رقيقا أو حرا ، محله فيما إذا كان السيد رجلا أن يكون الخادم إذا كان أنثى ملكه أو محرمه أو ما في حكمه وبالعكس
قوله ( nindex.php?page=showalam&ids=16961محمد بن زياد ) هو الجمحي .
قوله ( إذا أتى أحدكم ) بالنصب ( خادمه ) بالرفع .
قوله ( فإن لم يجلسه معه ) في رواية مسلم " فليقعده معه فليأكل " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيلي بن أبي خالد عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي " فليجلسه معه ، فإن لم يجلسه معه فليناوله " وفي رواية لأحمد عن عجلان عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " فادعه فإن أبى فأطعمه منه " nindex.php?page=showalam&ids=13478ولابن ماجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " فليدعه فليأكل معه ، فإن لم يفعل " وفاعل أبى وكذا إن لم يفعل يحتمل أن يكون السيد ، والمعنى إذا ترفع عن مؤاكلة غلامه ، ويحتمل أن يكون الخادم إذا تواضع عن مؤاكلة سيده ، ويؤيد الاحتمال الأول أن في رواية جابر عند أحمد " nindex.php?page=hadith&LINKID=846170أمرنا أن ندعوه ، فإن كره أحدنا أن يطعم معه فليطعمه في يده " وإسناده حسن .
قوله ( فليناوله أكلة أو أكلتين ) بضم الهمزة أي اللقمة ، وأو للتقسيم بحسب حال الطعام وحال الخادم ، وقوله " أو لقمة أو لقمتين " هو شك من الراوي وقد رواه الترمذي بلفظ " لقمة " فقط وفي رواية مسلم تقييد ذلك بما إذا كان الطعام قليلا ولفظه " فإن كان الطعام مشفوها قليلا " وفي رواية أبي داود " يعني قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين " قال أبو داود : يعني لقمة أو لقمتين ، ومقتضى ذلك أن الطعام إذا كان كثيرا فإما أن يقعده معه وإما أن يجعل حظه منه كثيرا .
قوله ( فإنه ولي حره ) أي عند الطبخ ( وعلاجه ) أي عند تحصيل آلاته ، وقبل وضع القدر على النار ، ويؤخذ من هذا أن في معنى الطباخ حامل الطعام لوجود المعنى فيه وهو تعلق نفسه به ، بل يؤخذ منه الاستحباب في مطلق خدم المرء ممن يعاني ذلك ، وإلى ذلك يومئ إطلاق الترجمة ، وفي هذا تعليل الأمر المذكور ، وإشارة إلى أن للعين حظا في المأكول فينبغي صرفها بإطعام صاحبها من ذلك الطعام لتسكن نفسه فيكون أكف لشره . قال المهلب : هذا الحديث يفسر حديث أبي ذر في الأمر nindex.php?page=treesubj&link=18184_18185_31486بالتسوية مع الخادم في المطعم والملبس ، فإنه جعل الخيار إلى السيد في إجلاس الخادم معه وتركه . قلت : وليس في الأمر في قوله في حديث أبي ذر " nindex.php?page=hadith&LINKID=846171أطعموهم مما تطعمون " إلزام بمؤاكلة الخادم ، بل فيه أن لا يستأثر عليه بشيء بل يشركه في كل شيء ، لكن بحسب ما يدفع به شر عينه .
وقد نقل ابن المنذر عن جميع أهل العلم أن الواجب nindex.php?page=treesubj&link=18184إطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله في تلك البلد ، وكذلك القول في الأدم والكسوة ، وأن للسيد أن يستأثر بالنفيس من ذلك وإن كان الأفضل أن يشرك معه الخادم في ذلك والله أعلم . واختلف حكم هذا الأمر بالإجلاس أو المناولة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بعد أن ذكر الحديث : هذا عندنا والله أعلم على وجهين : أولهما بمعناه أن إجلاسه معه أفضل ، فإن لم يفعل فليس بواجب ، أو يكون بالخيار بين أن يجلسه أو يناوله ، وقد يكون أمره اختيارا غير حتم اهـ . ورجح الرافعي الاحتمال الأخير ، وحمل الأول على الوجوب ، ومعناه أن الإجلاس لا يتعين ، لكن إن فعله كان أفضل وإلا تعينت المناولة ، ويحتمل أن الواجب أحدهما لا بعينه . والثاني أن الأمر للندب مطلقا .
" تنبيه " :
في قوله في رواية مسلم " فإن كان الطعام مشفوها " بالشين المعجمة والفاء فسره بالقليل ، وأصله الماء الذي تكثر عليه الشفاه حتى يقل إشارة إلى أن محل الإجلاس أو المناولة ما إذا كان الطعام قليلا وإنما كان [ ص: 496 ] كذلك لأنه إذا كان كثيرا وسع السيد والخادم ، وقد تقدم أن العلة في الأمر بذلك أن تسكن نفس الخادم بذلك ، وهو حاصل مع الكثرة دون القلة ، فإن القلة مظنة أن لا يفضل منه شيء . ويؤخذ من قوله " فإن كان مشفوها " أن الأمر الوارد لمن طبخ بتكثير المرق ليس على سبيل الوجوب ، والله أعلم .