الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2030 حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ فقال للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا قال فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم ح وحدثناه قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن القاري كلاهما عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله ولم يقولا فتله ولكن في رواية يعقوب قال فأعطاه إياه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وقوله : ( فتله في يده ) أي وضعه فيها ، وقد جاء في مسند أبي بكر بن أبي شيبة أن هذا الغلام هو عبد الله بن عباس ؛ ومن الأشياخ خالد بن الوليد - رضي الله تعالى عنه - قيل : إنما استأذن الغلام دون الأعرابي إدلالا على الغلام وهو ابن عباس ، وثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان والأشياخ أقاربه ، قال القاضي عياض : وفي بعض الروايات : ( عمك وابن عمك أتأذن لي أن أعطيه ) وفعل ذلك أيضا تألفا لقلوب الأشياخ ، وإعلاما بودهم وإيثار كرامتهم إذا لم تمنع منها سنة ، وتضمن ذلك أيضا بيان هذه السنة ، وهي أن الأيمن أحق ، ولا يدفع إلى غيره إلا بإذنه ، وأنه لا بأس باستئذانه ، وأنه لا يلزمه الإذن ، وينبغي له أيضا ألا يأذن إن كان فيه تفويت فضيلة أخروية ، ومصلحة دينية كهذه الصورة ، وقد نص أصحابنا وغيرهم من العلماء على أنه لا يؤثر في القرب ، وإنما الإيثار المحمود ما كان في حظوظ النفس دون الطاعات ، قالوا : فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول ، وكذلك نظائره .

                                                                                                                وأما الأعرابي فلم يستأذنه مخافة من إيحاشه في استئذانه في صرفه إلى أصحابه صلى الله عليه وسلم ، وربما سبق إلى قلب ذلك الأعرابي شيء يهلك به لقرب عهده بالجاهلية وأنفتها ، وعدم تمكنه في معرفته خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تظاهرت النصوص على تألفه صلى الله عليه وسلم قلب من يخاف عليه .

                                                                                                                وفي هذه الأحاديث أنواع من العلم : منها أن البداءة باليمين في الشراب ونحوه سنة وهذا مما لا خلاف فيه ، ونقل عن مالك تخصيص ذلك بالشراب ، قال ابن عبد البر وغيره : لا يصح هذا عن مالك ، قال القاضي عياض : يشبه أن يكون قول مالك رحمه الله تعالى أن السنة وردت في الشراب خاصة ، وإنما يقدم الأيمن فالأيمن في غيره بالقياس لا بسنة منصوصة فيه . وكيف كان فالعلماء متفقون على استحباب التيامن في الشراب وأشباهه .

                                                                                                                وفيه جواز شرب اللبن المشوب . وفيه أن من سبق إلى موضع مباح أو مجلس العالم والكبير فهو أحق به ممن يجيء بعده . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية