[ ائتمار ثقيف  على إرسال نفر للرسول    ] 
ثم أقامت ثقيف  بعد قتل عروة  أشهرا ، ثم إنهم ائتمروا بينهم ، ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا . 
حدثني  يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس  أن عمرو بن أمية  ، أخا بني علاج  ، كان مهاجرا لعبد ياليل بن عمرو  ، الذي بينهما سبئ ، وكان عمرو بن أمية  من أدهى العرب ، فمشى إلى عبد ياليل بن عمرو  ، حتى دخل داره ، ثم أرسل إليه أن عمرو بن أمية  يقول لك : اخرج إلي ؛ قال : فقال عبد ياليل  للرسول : ويلك أعمرو  أرسلك إلي ؟ قال : نعم ، وها هو ذا واقفا في دارك ، فقال : إن هذا الشيء ما كنت أظنه ، لعمرو  كان أمنع في نفسه من ذلك ، فخرج إليه ، فلما رآه رحب به ، فقال له عمرو    : إنه قد نزل بنا أمر ليست معه هجرة إنه قد كان من أمر هذا الرجل ما قد رأيت ، قد أسلمت العرب كلها ، وليست لكم بحربهم طاقة ، فانظروا في أمركم . فعند ذلك ائتمرت ثقيف  بينها ، وقال بعضهم لبعض :   [ ص: 539 ] أفلا ترون أنه لا يأمن لكم سرب ، ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع ، فأتمروا بينهم ، وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ، كما أرسلوا عروة ، فكلموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير  ، وكان سن عروة بن مسعود  ، وعرضوا ذلك عليه ، فأبى أن يفعل ، وخشي أن يصنع به إذا رجع كما صنع بعروة    . فقال : لست فاعلا حتى ترسلوا معي رجالا ، فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف  ، وثلاثة من بني مالك  ، فيكونوا ستة ، فبعثوا مع عبد ياليل  الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب  ، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب  ، ومن بني مالك  عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان  ، أخا بني يسار  ، وأوس بن عوف  ، أخا بني سالم بن عوف  ونمير بن خرشة بن ربيعة  ، أخا بني الحارث  فخرج بهم عبد ياليل  ، وهو ناب القوم وصاحب أمرهم ، ولم يخرج بهم إلا خشية من مثل ما صنع بعروة بن مسعود  ، لكي يشغل كل رجل منهم إذا رجعوا إلى الطائف  رهطه . 
  [ قدومهم المدينة  وسؤالهم الرسول أشياء أباها عليهم ] 
فلما دنوا من المدينة  ، ونزلوا قناة ، ألفوا بها المغيرة بن شعبة  ، يرعى في توبته ركاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت رعيتها نوبا على أصحابه صلى الله عليه وسلم ، فلما رآهم ترك الركاب عند الثقفيين  ، وضبر يشتد ، ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه ، فلقيه أبو بكر الصديق  قبل أن يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره عن ركب ثقيف  أن قد قدموا يريدون البيعة والإسلام ، بأن يشرط لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطا ، ويكتتبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا في قومهم وبلادهم وأموالهم ، فقال أبو بكر  للمغيرة    : أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أكون أنا أحدثه ؛ ففعل المغيرة    . فدخل أبو بكر  على رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 [ ص: 540 ] فأخبره بقدومهم عليه ، ثم خرج المغيرة  إلى أصحابه ، فروح الظهر معهم ، وعلمهم كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية . ولما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده ، كما يزعمون ، فكان  خالد بن سعيد بن العاص  ، هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى اكتتبوا كتابهم ، وكان خالد  هو الذي كتب كتابهم بيده ، وكانوا لا يطعمون طعاما يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد  ، حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم ، وقد كان فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية ، وهي اللاتي ، لا يهدمها ثلاث سنين ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة ، ويأبى عليهم ، حتى سألوا شهرا واحدا بعد مقدمهم ، فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى ، وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام ؛ فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث  أبا سفيان بن حرب   والمغيرة بن شعبة  فيهدماها ، وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة ، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه ، وأما الصلاة ، فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه : فقالوا : يا محمد  ، فسنؤتيكها ، وإن كانت دناءة 
  [ تأمير عثمان بن أبي العاص  عليهم ] 
فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابهم ، أمر عليهم عثمان بن أبي العاص  ، وكان من أحدثهم سنا ، وذلك أنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام ، وتعلم القرآن . فقال أبو بكر  لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إني قد رأيت هذا الغلام منهم من أحرصهم على التفقه في الإسلام ، وتعلم القرآن 
				
						
						
