معاذ بن جبل 
( ع ) 
ابن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج .  [ ص: 444 ] 
السيد الإمام أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي المدني البدري . شهد العقبة  شابا أمرد ، وله عدة أحاديث . 
روى عنه ابن عمر  ،  وابن عباس  ، وجابر  ، وأنس  ، وأبو أمامة  ،  وأبو ثعلبة الخشني  ، ومالك بن يخامر  ،  وأبو مسلم الخولاني  ،  وعبد الرحمن بن غنم  ، وجنادة بن أبي أمية  ، وأبو بحرية عبد الله بن قيس  ، ويزيد بن عميرة  ،  وأبو الأسود الديلي  ،  وكثير بن مرة  ،  وأبو وائل  ،  وابن أبي ليلى  ،  وعمرو بن ميمون الأودي  ،  والأسود بن هلال  ، ومسروق  ، وأبو ظبية الكلاعي  ، وآخرون . 
روى  أبو إسحاق السبيعي   : عن عمرو بن ميمون  ، عن معاذ بن جبل  قال : كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عفير  . 
قال شباب   : أمه هي هند بنت سهل  من بني رفاعة  ، ثم من جهينة  ، ولأمه ولد من الجد بن قيس   . 
وروى الواقدي  عن رجاله أن معاذا  شهد بدرا  وله عشرون سنة أو إحدى وعشرون  . قال ابن سعد   : شهد العقبة  في روايتهم جميعا مع السبعين . 
 [ ص: 445 ] وقال عبد الصمد بن سعيد   : نزل حمص  ، وكان طويلا ، حسنا ، جميلا . 
وقال الجماعة : كنيته أبو عبد الرحمن  ، إلا أبا أحمد الحاكم  ، فقال : كنيته أبو عبد الله   . 
قال علي بن محمد المدائني   : معاذ  لم يولد له قط ، طوال ، حسن الثغر ، عظيم العينين ، أبيض ، جعد ، قطط . 
وأما ابن سعد  ، فقال : له ابنان عبد الرحمن  وآخر . 
قال عطاء   : أسلم معاذ  وله ثمان عشرة سنة . 
وقال ابن إسحاق   : ومن السبعين من بني جشم بن الخزرج  معاذ بن جبل   . 
وروى قتادة  عن أنس  ، قال : جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلهم من الأنصار   : أبي بن كعب  ، وزيد  ،  ومعاذ بن جبل  ، وأبو زيد  أحد عمومتي  . 
قال أحمد   : حدثنا أبو معاوية  ، حدثنا الأعمش  ، عن شقيق  ، عن مسروق  ، عن عبد الله بن عمرو  ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خذوا القرآن من أربعة : من ابن مسعود  ، وأبي  ،  ومعاذ بن جبل  ،  وسالم مولى أبي حذيفة   . 
 [ ص: 446 ] تابعه  إبراهيم النخعي  عن مسروق   . 
الثوري   : عن خالد  وعاصم  ، عن أبي قلابة  ، عن أنس  مرفوعا : أرحم أمتي بأمتي أبو بكر  ، وأشدها في دين الله عمر  ، وأصدقها حياء عثمان  ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ  ، وأفرضهم زيد  ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة   . 
ورواه وهيب  عن خالد الحذاء   . 
وفي " فوائد سمويه " : حدثنا  أحمد بن يونس  ، حدثنا سلام بن سليمان  ، حدثنا زيد العمي  ، عن أبي الصديق  ، عن أبي سعيد   : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معاذ بن جبل  أعلم الناس بحرام الله وحلاله إسناده واه . 
روى ضمرة   : عن يحيى السيباني  ، عن أبي العجفاء  قال : قال عمر   : لو أدركت معاذا  ، ثم وليته ، ثم لقيت ربي ، فقال : من استخلفت على أمة محمد  ؟ لقلت : سمعت نبيك وعبدك يقول : يأتي معاذ بن جبل  بين يدي العلماء ، برتوة  .  [ ص: 447 ] 
وروى ابن أبي عروبة  ، عن  شهر بن حوشب  ، قال : قال عمر   : فذكر نحوه وذكر معه أبا عبيدة   وسالما مولى أبي حذيفة   . 
وروى أبو إسحاق الشيباني  ، عن محمد بن عبيد الله الثقفي  ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يجيء معاذ  يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء  . 
وله إسناد آخر ضعيف . 
هشام   : عن الحسن  مرفوعا : معاذ  له نبذة بين يدي العلماء يوم القيامة  . 
تابعه ثابت  عن الحسن   . 
ابن سعد   : أنبأنا محمد بن عمر  ، حدثنا إسحاق بن يحيى  ، عن مجاهد  قال : لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة  ، استخلف عليها عتاب بن أسيد  يصلي بهم ، وخلف معاذا  يقرئهم ، ويفقههم . 
أبو أسامة   : عن داود بن يزيد  ، عن المغيرة بن شبيل  ، عن  قيس بن أبي حازم  ، عن معاذ   : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن  ، فلما سرت أرسل في إثري فرددت ، فقال : أتدري لم بعثت إليك ؟ لا تصيبن شيئا بغير علم ; فإنه غلول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة  لقد أذعرت ، فامض لعملك رواه الروياني  في " مسنده " .  [ ص: 448 ] 
شعبة   : عن محمد بن عبيد الله  ، عن الحارث بن عمرو الثقفي  قال : أخبرنا أصحابنا ، عن معاذ  قال : لما بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن  ، قال لي : كيف تقضي إن عرض قضاء ؟ قال : قلت : أقضي بما في كتاب الله ، فإن لم يكن ، فبما قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فإن لم يكن فيما قضى به الرسول ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، فضرب صدري ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يرضي رسول الله  . 
أبو اليمان   : حدثنا  صفوان بن عمرو  ، عن  راشد بن سعد  ، عن عاصم بن حميد السكوني  أن معاذ بن جبل  لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن  خرج يوصيه ، ومعاذ  راكب ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي تحت راحلته ، فلما فرغ ، قال : يا معاذ  ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ، ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري . فبكى معاذ  جشعا لفراق رسول الله ، قال : لا تبك يا معاذ  ، أو إن البكاء من الشيطان  . 
قال سيف بن عمر   : حدثنا سهل بن يوسف  ، عن أبيه عن عبيد بن صخر  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ودعه معاذ  ، قال : حفظك الله من بين يديك ومن خلفك ، ودرأ  [ ص: 449 ] عنك شر الإنس والجن . فسار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يبعث له رتوة فوق العلماء  . 
وقال سيف   : حدثنا جابر بن يزيد الجعفي  ، عن أبي بردة  ، عن أبي موسى  بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - خامس خمسة على أصناف اليمن   : أنا ، ومعاذ  ،  وخالد بن سعيد  ، وطاهر بن أبي هالة  ، وعكاشة بن ثور  ، وأمرنا أن نيسر ولا نعسر  . 
شعبة   : عن سعيد بن أبي بردة  ، عن أبيه ، عن أبي موسى  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه ومعاذا  إلى اليمن  قال لهما : يسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تنفرا . فقال له أبو موسى   : إن لنا بأرضنا شرابا ، يصنع من العسل يقال له : البتع ، ومن الشعير يقال له : المزر ، قال : كل مسكر حرام . فقال لي معاذ   : كيف تقرأ القرآن ؟ قلت : أقرأه في صلاتي ، وعلى راحلتي ، وقائما وقاعدا ، أتفوقه تفوقا ، يعني شيئا بعد شيء ، قال : فقال معاذ   : لكني أنام ثم أقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ، قال : وكأن معاذا  فضل عليه  . 
سيف   : حدثنا جابر الجعفي  ، عن أم جهيش  خالته قالت : بينا نحن بدثينة  بين الجند  وعدن  ، إذ قيل : هذا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوافينا القرية ، فإذا رجل متوكئ على رمحه ، متقلد السيف ، متعلق حجفة ، متنكب قوسا  [ ص: 450 ] وجعبة ، فتكلم ، وقال : إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم : اتقوا الله واعملوا فإنما هي الجنة والنار ، خلود فلا موت ، وإقامة فلا ظعن ، كل امرئ عمل به عامل فعليه ولا له ، إلا ما ابتغى به وجه الله ، وكل صاحب استصحبه أحد خاذله وخائنه إلا العمل الصالح ، انظروا لأنفسكم واصبروا لها بكل شيء فإذا رجل موفر الرأس ، أدعج ، أبيض ، براق ، وضاح  . 
قال الواقدي   : توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعامله على الجند  معاذ   . 
وروى سهيل  ، عن أبيه ، عن  أبي هريرة  قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم الرجل أبو بكر  ، نعم الرجل عمر  ، نعم الرجل معاذ بن جبل  وروى نحوه ابن عيينة  عن ابن المنكدر  مرسلا . 
حيوة بن شريح   : عن عقبة بن مسلم  ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي  ، عن الصنابحي  ، عن معاذ  قال : لقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا معاذ  ، إني لأحبك في الله . قلت : وأنا والله يا رسول الله أحبك في الله . قال : أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة : رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك  . 
مروان بن معاوية   : عن عطاء  ، عن  أبي نضرة  ، عن أبي سعيد  أن معاذا  دخل المسجد ورسول الله ساجد ، فسجد معه ، فلما سلم ، قضى معاذ  ما سبقه ، فقال له رجل : كيف صنعت ؟ سجدت ولم تعتد بالركعة ، قال : لم أكن لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حال إلا أحببت أن أكون معه فيها ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فسره ، وقال : هذه سنة لكم  .  [ ص: 451 ] 
ابن عيينة   : عن زكريا  ، عن الشعبي  قال : قرأ عبد الله   : إن معاذا  كان أمة قانتا لله حنيفا . فقال له فروة بن نوفل   : إن إبراهيم  ، فأعادها ، ثم قال : إن الأمة معلم الخير ، والقانت المطيع ، وإن معاذا   - رضي الله عنه - كان كذلك  . 
وروى حيان  ، عن الشعبي  ، نحوها . فقيل له : يا أبا عبد الرحمن  ، نسيتها . قال : لا ، ولكنا كنا نشبهه بإبراهيم   . ورواه  ابن علية   : عن منصور بن عبد الرحمن  ، عن الشعبي  ، حدثني فروة بن نوفل الأشجعي  بنحوه . ورواه فراس   ومجالد  وغيرهما ، عن الشعبي  ، عن مسروق  عن عبد الله .  ورواه  عبد الملك بن عمير   : عن أبي الأحوص  قال : بينما عبد الله  يحدثهم إذ قال : إن معاذا  كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين . 
وعن محمد بن سهل بن أبي حثمة  عن أبيه قال : كان الذين يفتون على  [ ص: 452 ] عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة من المهاجرين : عمر  ، وعثمان  ، وعلي  ، وثلاثة من الأنصار   : أبي بن كعب  ، ومعاذ  ، وزيد   . 
وعن نيار الأسلمي   : أن عمر  كان يستشير هؤلاء ، فذكر منهم معاذا   . 
وروى موسى بن علي بن رباح  ، عن أبيه ، قال : خطب عمر  الناس بالجابية  فقال : من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل   . 
وروى الأعمش  عن أبي سفيان  ، قال : حدثني أشياخ منا أن رجلا غاب عن امرأته سنتين ، فجاء وهي حبلى ، فأتى عمر ، فهم برجمها ، فقال له معاذ   : إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل ، فتركها ، فوضعت غلاما بان أنه يشبه أباه قد خرجت ثنيتاه ، فقال الرجل : هذا ابني ، فقال عمر   : عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ  ، لولا معاذ  لهلك عمر   . 
الواقدي   : حدثنا أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك  ، عن أبيه ، عن جده قال : كان عمر  يقول حين خرج معاذ  إلى الشام   : لقد أخل خروجه بالمدينة  وأهلها في الفقه ، وفيما كان يفتيهم به ، ولقد كنت كلمت أبا بكر  أن يحبسه لحاجة الناس إليه ، فأبى علي  وقال : رجل أراد وجها - يعني الشهادة - فلا أحبسه . 
قلت : إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه  . 
الأعمش   : عن شمر بن عطية  ، عن  شهر بن حوشب  ، قال : كان أصحاب  [ ص: 453 ] محمد   - صلى الله عليه وسلم - إذا تحدثوا وفيهم معاذ  ، نظروا إليه هيبة له  . 
جعفر بن برقان   : حدثنا حبيب بن أبي مرزوق  ، عن عطاء بن أبي رباح  ، عن أبي سلمة الخولاني  قال : دخلت مسجد حمص  ، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من الصحابة ، فإذا فيهم شاب أكحل العينين ، براق الثنايا ساكت ، فإذا امترى القوم ، أقبلوا عليه ، فسألوه ، فقلت : من هذا ؟ قيل : معاذ بن جبل   . فوقعت محبته في قلبي  . 
معمر   : عن الزهري  ، عن عبد الرحمن بن كعب  قال : كان معاذ  شابا جميلا سمحا من خير شباب قومه ، لا يسأل شيئا إلا أعطاه ، حتى كان عليه دين أغلق ماله كله ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلم له غرماءه ففعل ، فلم يضعوا له شيئا ، فلو ترك أحد لكلام أحد لترك لمعاذ  لكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبرح حتى باع ماله ، وقسمه بينهم ، فقام معاذ  ولا مال له ، ثم بعثه على اليمن  ليجبره ، فكان أول من تجر في هذا المال ، فقدم على أبي بكر  ، فقال له عمر   : هل لك يا معاذ  أن تطيعني ؟ تدفع هذا المال إلى أبي بكر  ، فإن أعطاكه فاقبله ، فقال : لا أدفعه إليه ، وإنما بعثني نبي الله ليجبرني ، فانطلق عمر  إلى أبي بكر  ، فقال : خذ منه ودع له ، قال : ما كنت لأفعل ، وإنما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليجبره . 
فلما أصبح معاذ  ، انطلق إلى عمر  ، فقال : ما أراني إلا فاعل الذي قلت ، لقد رأيتني البارحة ، أظنه قال : أجر إلى النار ، وأنت آخذ بحجزتي . فانطلق إلى أبي بكر  بكل ما جاء به ، حتى جاءه بسوطه ،  [ ص: 454 ] قال أبو بكر   : هو لك لا آخذ منه شيئا ، وفي لفظ : قد وهبته لك ، فقال عمر   : هذا حين حل وطاب ، وخرج معاذ  عند ذلك إلى الشام   . 
ورواه الذهلي   : عن عبد الرزاق  عن معمر   : فقال : بدل أجر إلى النار : كأني في ماء قد خشيت الغرق فخلصتني . 
الواقدي   : حدثنا عيسى بن النعمان  ، عن معاذ بن رفاعة  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : كان معاذ  من أحسن الناس وجها ، وأحسنه خلقا ، وأسمحه كفا ، فادان ، فلزمه غرماؤه ، حتى تغيب أياما  . . . وذكر الحديث وقال فيه : فقدم بغلمان . 
الأعمش   : عن شقيق  قدم معاذ  من اليمن  برقيق ، فلقي عمر  بمكة  ، فقال : ما هؤلاء ؟ قال : أهدوا لي ، قال : ادفعهم إلى أبي بكر  ، فأبى ، فبات ، فرأى كأنه يجر إلى النار وأن عمر  يجذبه ، فلما أصبح ، قال : يا ابن الخطاب  ما أراني إلا مطيعك . إلى أن قال : فدفعهم أبو بكر  إليه ، ثم أصبح فرآهم يصلون ، قال : لمن تصلون ؟ قالوا : لله ، قال : فأنتم لله  . 
 ابن جريج   : أنبأنا ابن أبي الأبيض  ، عن أبي حازم  ، عن  سعيد بن المسيب  أن عمر  بعث معاذا  ساعيا على بني كلاب  أو غيرهم ، فقسم فيهم فيئهم حتى لم يدع شيئا ، حتى جاء بحلسه الذي خرج به على رقبته  .  [ ص: 455 ] وعن نافع  قال : كتب عمر  إلى أبي عبيدة  ومعاذ   : انظروا رجالا صالحين ، فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم . 
روى أيوب   : عن أبي قلابة  وغيره أن فلانا مر به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أوصوني ، فجعلوا يوصونه ، وكان معاذ بن جبل  في آخر القوم ، فقال : أوصني يرحمك الله ، قال : قد أوصوك فلم يألوا ، وإني سأجمع لك أمرك : اعلم أنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك إلى الآخرة أفقر ، فابدأ بنصيبك من الآخرة ، فإنه سيمر بك على نصيبك من الدنيا فينتظمه ، ثم يزول معك أينما زلت . 
روى حميد بن هلال  عن عبد الله بن الصامت  عن معاذ  قال : ما بزقت على يميني منذ أسلمت  . 
قال أيوب بن سيار   : عن يعقوب بن زيد  ، عن  أبي بحرية  قال : دخلت مسجد حمص  فإذا بفتى حوله الناس ، جعد ، قطط ، إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : معاذ بن جبل   . 
حريز بن عثمان   : عن المشيخة  ، عن  أبي بحرية  ، عن معاذ  قال : ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله . قالوا : يا أبا عبد الرحمن  ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا ، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع ; لأن الله تعالى يقول في كتابه : ولذكر الله أكبر   .  [ ص: 456 ] 
نعيم بن حماد   : حدثنا ابن المبارك  ، حدثنا محمد بن مطرف  ، حدثنا أبو حازم  ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع  ، عن مالك الدار  أن عمر   - رضي الله عنه - أخذ أربع مائة دينار ، فقال لغلام : اذهب بها إلى أبي عبيدة  ، ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع . قال : فذهب بها الغلام فقال : يقول لك أمير المؤمنين : خذ هذه ، فقال : وصله الله ورحمه ، ثم قال : تعالي يا جارية ، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان ، وبهذه الخمسة إلى فلان ، حتى أنفذها . 
فرجع الغلام إلى عمر  ، وأخبره ، فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل   . فأرسله بها إليه ، فقال معاذ   : وصله الله يا جارية ، اذهبي إلى بيت فلان بكذا ، ولبيت فلان بكذا . فاطلعت امرأة معاذ  ، فقالت : ونحن والله مساكين ، فأعطنا ، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران ، فدحا بهما إليها . ورجع الغلام ، فأخبر عمر  ، فسر بذلك ، وقال : إنهم إخوة بعضهم من بعض . 
قرأت على إسحاق بن أبي بكر  ، أخبرك يوسف الحافظ  ، أنبأنا أبو المكارم اللبان  ، أخبرنا أبو علي الحداد  ، أنبأنا أبو نعيم  ، حدثنا محمد بن علي  ، حدثنا  ابن قتيبة   ( ح ) وأنبأنا أبو المعالي الغرافي  ، أنبأنا الفتح بن عبد الله  ، أنبأنا الأرموي  ، وابن الداية  ، والطرائفي  ، قالوا : أنبأنا محمد بن أحمد  ، أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن  ، حدثنا  جعفر بن محمد  ، قالا : حدثنا يزيد بن موهب  ،  [ ص: 457 ] حدثنا الليث  ، عن عقيل  ، عن ابن شهاب  أن أبا إدريس الخولاني  أخبره أن يزيد بن عميرة  ، وكان من أصحاب معاذ بن جبل  ، قال : كان لا يجلس مجلسا إلا قال : الله حكم قسط تبارك اسمه ، هلك المرتابون . فذكر الحديث ، وفيه : فقلت لمعاذ   : ما يدريني أن الحكيم يقول كلمة الضلالة ؟ قال : بلى ، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال ما هذه ، ولا يثنيك ذلك عنه ; فإنه لعله يرجع ويتبع الحق إذا سمعه ، فإن على الحق نورا  . اللفظ لابن قتيبة   . 
 سليمان بن بلال   : عن موسى بن عبيدة  عن أيوب بن خالد  ، عن عبد الله بن رافع  عن أم سلمة  أن أبا عبيدة  لما أصيب ، استخلف معاذ بن جبل   - يعني في طاعون عمواس - اشتد الوجع ، فصرخ الناس إلى معاذ   : ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز ، قال : إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وشهادة يخص الله من يشاء منكم ، أيها الناس ، أربع خلال من استطاع أن لا تدركه ، قالوا : ما هي ؟ قال : يأتي زمان يظهر فيه الباطل ، ويأتي زمان يقول الرجل : والله ما أدري ما أنا ، لا يعيش على بصيرة ، ولا يموت على بصيرة . 
 أحمد بن حنبل  في " مسنده " حدثنا أبو أحمد الزبيري  ، حدثنا مسرة بن معبد  ،  [ ص: 458 ] عن إسماعيل بن عبيد الله  قال : قال معاذ بن جبل   : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ستهاجرون إلى الشام  ، فيفتح لكم ، ويكون فيه داء ، كالدمل أو كالوخزة يأخذ بمراق الرجل ، فيشهد أو فيستشهد الله بكم أنفسكم ، ويزكي بها أعمالكم . اللهم إن كنت تعلم أن معاذا  سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه ، فأصابهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحد ، فطعن في أصبعه السبابة ، فكان يقول : ما يسرني أن لي بها حمر النعم  . 
همام   : حدثنا قتادة  ، ومطر  ، عن شهر  عن عبد الرحمن بن غنم  ، قال : وقع الطاعون بالشام  ، فخطب الناس عمرو بن العاص  ، فقال : هذا الطاعون رجز ، ففروا منه في الأودية والشعاب ، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة  ، فغضب ، وجاء يجر ثوبه ، ونعلاه في يده ، فقال : صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكنه رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، ووفاة الصالحين قبلكم . فبلغ ذلك معاذا  فقال : اللهم اجعل نصيب آل معاذ  الأوفر . 
فماتت ابنتاه ، فدفنهما في قبر واحد . وطعن ابنه عبد الرحمن  ، فقال ، يعني لابنه ، لما سأله : كيف تجدك ؟ قال : الحق من ربك فلا تكن من الممترين  قال : ستجدني إن شاء الله من الصابرين  قال : وطعن معاذ  في كفه ، فجعل يقلبها ، ويقول : هي أحب إلي من حمر النعم . فإذا سري عنه ، قال : رب ، غم غمك ، فإنك تعلم أني أحبك . 
ورأى رجلا يبكي ، قال : ما يبكيك ؟ قال : ما أبكي على دنيا كنت أصبتها منك ، ولكن أبكي على العلم الذي كنت أصيبه منك ، قال : ولا تبكه ; فإن  [ ص: 459 ] إبراهيم   - صلوات الله عليه - كان في الأرض وليس بها علم ، فآتاه الله علما ، فإن أنا مت ، فاطلب العلم عند أربعة :  عبد الله بن مسعود  ،  وسلمان الفارسي  ،  وعبد الله بن سلام  ، وعويمر أبي الدرداء   . 
ابن لهيعة   : عن أبي الأسود  ، عن عروة  قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف معاذا  على مكة  حين خرج إلى حنين  ، وأمره أن يعلمهم القرآن والدين . 
أبو قحذم النضر بن معبد   : عن أبي قلابة  ، وعن ابن عمر  قال : مر عمر  بمعاذ  وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قال : حديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن أدنى الرياء شرك ، وأحب العبيد إلى الله الأتقياء الأخفياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا شهدوا لم يعرفوا ، أولئك مصابيح العلم وأئمة الهدى  . 
أخرجه  الحاكم  وصححه ، وخولف فإن  النسائي  قال : أبو قحذم  ليس بثقة . 
يوسف بن مسلم   : حدثنا عبيد بن تميم  ، حدثنا الأوزاعي  ، عن  عبادة بن نسي  ،  [ ص: 460 ] عن ابن غنم  قال : سمعت أبا عبيدة   وعبادة بن الصامت  يقولان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معاذ بن جبل  أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين ، وإن الله يباهي به الملائكة  . 
قد أخرجه  الحاكم  في " صحيحه " فأخطأ ، وعبيد  لا يعرف ، فلعله افتعله . 
الأعمش   : عن  شهر بن حوشب  ، عن الحارث بن عميرة  ، قال : إني لجالس عند معاذ  ، وهو يموت ، وهو يغمى عليه ويفيق ، فقال : اخنق خنقك فوعزتك إني لأحبك  . 
قال يحيى بن بكير   : سمعت  مالكا  يقول : هو أمام العلماء رتوة . 
هلك ابن ثمان وعشرين ، وقيل : ابن اثنتين وثلاثين . 
هشيم : أنبأنا علي بن زيد  ، عن  سعيد بن المسيب  قال : قبض معاذ  وهو ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة . 
المدائني   : عن أبي سفيان الغداني  عن ثور  ، عن خالد بن معدان  أن عبد الله بن قرط  قال : حضرت وفاة معاذ بن جبل  ، فقال : روحوني ألقى الله مثل سن عيسى ابن مريم  ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة  .  [ ص: 461 ] 
قلت : يعني عندما رفع عيسى  إلى السماء ، قال ضمرة بن ربيعة   : توفي معاذ  بقصير خالد  من الأردن   . 
قال يزيد بن عبيدة   : توفي معاذ  سنة سبع عشرة . 
وقال المدائني  وجماعة : سنة سبع أو ثمان عشرة . 
وقال ابن إسحاق   والفلاس   : سنة ثمان عشرة . 
وقال أبو عمر الضرير   : وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، وكذا قال الواقدي  في سنه ، وقال : توفي سنة ثمان عشرة - رضي الله عنه . 
				
						
						
