العباس بن الوليد   : حدثنا أبي : سمعت الأوزاعي  يقول : عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوه لك بالقول ، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم  . 
قال بقية بن الوليد   : قال لي الأوزاعي   : يا بقية ،  لا تذكر أحدا من أصحاب نبيك إلا بخير . يا بقية ،  العلم ما جاء عن أصحاب محمد   - صلى الله عليه وسلم - وما لم يجئ عنهم ، فليس بعلم  . 
قال بقية  ،  والوليد بن مزيد   : قال الأوزاعي   : لا يجتمع حب علي  وعثمان   - رضي الله عنهما - إلا في قلب مؤمن  . 
كتب إلي القاضي عبد الواسع الشافعي  ، وعدة ، عن أبي الفتح المندائي  أنبأنا عبيد الله بن محمد بن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي  ، أنبأنا جدي في كتاب " الأسماء والصفات " له ، أنبأنا أبو عبد الله  [ ص: 121 ] الحافظ  ، أنبأنا محمد بن علي الجوهري  ببغداد  ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم  ، حدثنا محمد بن كثير المصيصي   : سمعت الأوزاعي  يقول : كنا - والتابعون متوافرون - نقول : إن الله - تعالى - فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته  . 
قال الوليد بن مزيد   : سمعت الأوزاعي  يقول : إذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم الجدل ، ومنعهم العمل  . 
محمد بن الصباح   : حدثنا  الوليد بن مسلم  ، حدثنا الأوزاعي  قال : كتب إلي قتادة  من البصرة   : إن كانت الدار فرقت بيننا وبينك ، فإن ألفة الإسلام بين أهلها جامعة  . 
قلت : قوله : كتب إلي - وفي بعض حديثه يقول - : كتب إلي قتادة   : هو على المجاز ، فإن قتادة  ولد أكمه ، وإنما أمر من يكتب إلى الأوزاعي   . ويتفرع على هذا أن رواية ذلك عن الأعمى إنما وقعت بواسطة من كتب ، ولم يسم في الحديث ، ففي ذلك انقطاع بين . خيثمة بن سليمان   : حدثنا العباس بن الوليد   : سمعت أبي ، سمعت الأوزاعي  يقول : جئت إلى بيروت  أرابط فيها ، فلقيت سوداء عند المقابر ، فقلت لها : يا سوداء ، أين العمارة ؟ قالت : أنت في العمارة ، وإن أردت الخراب فبين يديك  . 
أحمد بن عبد الواحد بن عبود   : حدثنا محمد بن كثير  ، عن الأوزاعي  ، قال : وقع عندنا رجل من جراد ببيروت  ، وكان عندنا رجل له فضل ، فحدث أنه رأى رجلا راكبا ، فذكر من عظم الجرادة ، وعظم الرجل ، قال : وعليه خفان أحمران طويلان ، وهو يقول : الدنيا باطلة ، وباطل ما فيها ، ويومئ  [ ص: 122 ] بيده ، حيثما أومأ انساب الجراد إلى ذلك الموضع  . رواها علي بن زيد الفرائضي  ، عن محمد بن كثير  ، سمعت الأوزاعي   : أنه هو الذي رأى ذلك . 
ابن ذكوان   : حدثنا ابن أبي السائب  ، عن أبيه ، قال : حدثنا الأوزاعي   . يقول مكحول   : ما أحرص ابن أبي مالك  على القضاء ! فقال : لقد كنت ممن سدد لي رأيي  . 
قال أبو زرعة   : أريد على القضاء في أيام يزيد الناقص فامتنع - يعني الأوزاعي   - جلس لهم مجلسا واحدا  . 
قال الأوزاعي   : من أكثر ذكر الموت ، كفاه اليسير ، ومن عرف أن منطقه من عمله ، قل كلامه  . 
أبو يعقوب الأذرعي   : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الغمر الطبراني  ، حدثنا هاشم بن مرثد   : سمعت أحمد بن الغمر  ، قال : لما جلت المحنة التي نزلت  بالأوزاعي   - لما نزل عبد الله بن علي  حماة - بعث إليه ، فأشخص ، قال : فنزل على  ثور بن يزيد الحمصي   . قال الأوزاعي   : فلم يزل ثور  يتكلم في القدر من بعد صلاة العشاء الآخرة إلى أن طلع الفجر ، وأنا ساكت - ما أجابه بحرف - فلما انفجر الفجر ، صليت ، ثم أتيت حماة فأدخلت على عبد الله بن علي  ، فقال : يا أوزاعي  ، أيعد مقامنا هذا  [ ص: 123 ] ومسيرنا رباطا ؟ فقلت : جاءت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  " من كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله " ثم ساق القصة . 
يعقوب بن شيبة   : حدثنا أبو عبد الملك بن الفارسي ، وهو عبد الرحمن بن عبد العزيز  ، حدثنا الفريابي  ، حدثنا الأوزاعي  ، قال : لما فرغ عبد الله بن علي   - يعني عم السفاح - من قتل بني أمية  ، بعث إلي ، وكان قتل يومئذ نيفا  [ ص: 124 ] وسبعين منهم بالكافركوبات فدخلت عليه ، فقال : ما تقول في دماء بني أمية  ؟ فحدت ، فقال : قد علمت من حيث حدت فأجب . قال : وما لقيت مفوها مثله . فقلت : كان لهم عليك عهد . قال : فاجعلني وإياهم ولا عهد ، ما تقول في دمائهم ؟ قلت : حرام ، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث . . . " الحديث . 
فقال : ولم ويلك ؟ ! وقال : أليست الخلافة وصية من رسول الله ، قاتل عليها علي   - رضي الله عنه - بصفين  ؟ قلت : لو كانت وصية ما رضي بالحكمين . فنكس رأسه ، ونكست ، فأطلت ، ثم قلت : البول . فأشار بيده : اذهب . فقمت ، فجعلت لا أخطو خطوة إلا قلت : إن رأسي يقع عندها  . 
سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى   : حدثنا أبو خليد عتبة بن حماد القارئ  ، حدثنا الأوزاعي  ، قال : بعث عبد الله بن علي  إلي ، فاشتد ذلك علي ، وقدمت ، فدخلت ، والناس سماطان فقال : ما تقول في مخرجنا وما نحن فيه ؟ قلت : أصلح الله الأمير ! قد كان بيني وبين داود بن علي  مودة . قال : لتخبرني . فتفكرت ، ثم قلت : لأصدقنه ، واستبسلت للموت ، ثم رويت له عن يحيى بن سعيد  حديث " الأعمال " وبيده قضيب ينكت به ، ثم قال : يا عبد الرحمن   : ما تقول في قتل أهل هذا البيت ؟ قلت : حدثني محمد بن مروان  ، عن مطرف بن الشخير  ، عن عائشة  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  " لا يحل قتل المسلم إلا في ثلاث . . . "  [ ص: 125 ] وساق الحديث . فقال : أخبرني عن الخلافة ، وصية لنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقلت : لو كانت وصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ترك علي   - رضي الله عنه - أحدا يتقدمه . قال : فما تقول في أموال بني أمية ؟  قلت : إن كانت لهم حلالا ، فهي عليك حرام ، وإن كانت عليهم حراما ، فهي عليك أحرم . فأمرني ، فأخرجت  . 
قلت : قد كان عبد الله بن علي  ملكا جبارا ، سفاكا للدماء ، صعب المراس ، ومع هذا فالإمام الأوزاعي  يصدعه بمر الحق كما ترى ، لا كخلق من علماء السوء ، الذين يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف ، ويقلبون لهم الباطل حقا - قاتلهم الله - أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق . 
خيثمة : حدثنا الحوطي  ، حدثنا أبو الأسوار محمد بن عمر التنوحي ،  قال : كتب المنصور  إلى الأوزاعي   : 
أما بعد . . . فقد جعل أمير المؤمنين في عنقك ما جعل الله لرعيته قبلك في عنقه ، فاكتب إلي بما رأيت فيه المصلحة مما أحببت . فكتب إليه : أما بعد . . فعليك بتقوى الله ، وتواضع يرفعك الله يوم يضع المتكبرين في الأرض بغير الحق ، واعلم أن قرابتك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لن تزيد حق الله عليك إلا عظما ، ولا طاعته إلا وجوبا  . 
قال محمد بن شعيب   : سمعت الأوزاعي  يقول : من أخذ بنوادر العلماء ، خرج من الإسلام  . 
وعن الأوزاعي  قال : ما ابتدع رجل بدعة ، إلا سلب الورع  . رواها بقية  عن معمر بن عريب  ، عنه . 
الوليد بن مزيد   : سمعت الأوزاعي  يقول : إن المؤمن يقول قليلا ، ويعمل كثيرا ، وإن المنافق يتكلم كثيرا ، ويعمل قليلا  .  [ ص: 126 ] 
قال بشر بن المنذر قاضي المصيصة   : رأيت الأوزاعي  كأنه أعمى من الخشوع . 
وقال الوليد بن مزيد   : سمعت الأوزاعي  يقول : كان يقال : ويل للمتفقهين لغير العبادة ، والمستحلين الحرمات بالشبهات  . 
العباس بن الوليد بن مزيد   : حدثني محمد بن عبد الرحمن السلمي  ، حدثني محمد بن الأوزاعي   : قال لي أبي : يا بني ، أحدثك بشيء لا تحدث به ما عشت : رأيت كأنه وقف بي على باب الجنة ، فأخذ بمصراعي الباب ، فزال عن موضعه ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر  وعمر  يعالجون رده ، فردوه ، فزال ، ثم أعادوه ، قال : فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عبد الرحمن   : ألا تمسك معنا ؟ فجئت حتى أمسك معهم حتى ردوه  . 
قال أحمد بن علي الأبار   : حدثنا يحيى بن أيوب  ، حدثنا الحواري بن أبي الحواري  قال : دخل الأوزاعي  على أبي جعفر  ، فلما أراد أن ينصرف ، استعفى من لبس السواد ، فأجابه أبو جعفر  ، فلما خرج الأوزاعي  ، قالوا له ، فقال : لم يحرم فيه محرم ، ولا كفن فيه ميت ، ولم يزين فيه عروس  . 
عبد الحميد بن بكار   : حدثنا ابن أبي العشرين   : سمعت أميرا كان بالساحل يقول - وقد دفنا الأوزاعي  ، ونحن عند القبر - : رحمك الله أبا عمرو  فلقد كنت أخافك أكثر ممن ولاني  . 
قال محمد بن عبيد الطنافسي   : كنت عند  سفيان الثوري  ، فجاءه رجل ، فقال : رأيت كأن ريحانة من المغرب  رفعت . قال : إن صدقت رؤياك ، فقد مات الأوزاعي   . فكتبوا ذلك ، فوجد كذلك في ذلك اليوم  . 
قال عباس الدوري   : سمعت يحيى  يقول : مات الأوزاعي  في الحمام .  [ ص: 127 ] أحمد بن عيسى المصري   : حدثني خيران بن العلاء   - وكان من خيار أصحاب الأوزاعي   - قال : دخل الأوزاعي  الحمام ، وكان لصاحب الحمام حاجة ، فأغلق عليه الباب وذهب ، ثم جاء ، ففتح ، فوجد الأوزاعي  ميتا مستقبل القبلة  . 
ابن زبر   : حدثنا إسحاق بن خالد  ، حدثنا أبو مسهر  ، قال : بلغنا موت الأوزاعي  ، وأن امرأته أغلقت عليه باب الحمام ، غير متعمدة ، فمات ، فأمرها سعيد بن عبد العزيز  بعتق رقبة ، ولم يخلف سوى ستة دنانير ، فضلت من عطائه ، وكان قد اكتتب - رحمه الله - في ديوان الساحل . 
العباس بن الوليد بن مزيد   : سمعت عقبة بن علقمة  قال : سبب موت الأوزاعي  أنه اختضب ، ودخل الحمام الذي في منزله ، وأدخلت معه امرأته كانونا فيه فحم ، لئلا يصيبه البرد ، وأغلقت عليه من برا ، فلما هاج الفحم ، ضعفت نفسه ، وعالج الباب ليفتحه ، فامتنع عليه ، فألقى نفسه ، فوجدناه موسدا ذراعه إلى القبلة . 
قال العباس بن الوليد   : وحدثني سالم بن المنذر  ، قال : لما سمعت الضجة بوفاة الأوزاعي  ، خرجت ، فأول من رأيت نصرانيا ، قد ذر على رأسه الرماد ، فلم يزل المسلمون من أهل بيروت  يعرفون له ذلك ، وخرجنا في جنازته أربعة أمم : فحمله المسلمون ، وخرجت اليهود  في ناحية ، والنصارى  في ناحية ، والقبط  في ناحية . 
قال ابن المديني   : مات الأوزاعي  سنة إحدى وخمسين ومائة . 
قلت : هذا خطأ . وقال هشام بن عمار  ، عن  الوليد بن مسلم   : في سنة ست وخمسين فوهم هشام   ; لأن صفوان بن صالح  روى عن الوليد  هو وغيره ،  والوليد بن مزيد  ،  ويحيى القطان  ،  وأبو مسهر  وعدة ، قالوا : مات سنة  [ ص: 128 ] سبع وخمسين ، ومائة وزاد بعضهم فقال : في صفر ، وفيها مات . 
قال ابن أبي الدنيا   : حدثني أبو جعفر الآدمي  قال : قال يزيد بن مذعور   : رأيت الأوزاعي  في منامي ، فقلت : دلني على درجة أتقرب بها إلى الله ، فقال : ما رأيت هناك أرفع من درجة العلماء ، ومن بعدها درجة المحزونين  . 
ترجمة الأوزاعي  في " تاريخ "  الحافظ ابن عساكر  في أربعة كراريس وهو أول من دون العلم بالشام  ، وبلغنا أنه كان يعتم بعمامة مدورة بلا عذبة - رحمه الله تعالى . 
 الحاكم   : حدثنا أبو بكر الإسماعيلي  إملاء ، أنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان  ، أنبأنا أبو نشيط محمد بن هارون  ، حدثنا الفريابي  ، قال : اجتمع الثوري   والأوزاعي   وعباد بن كثير  بمكة  ، فقال الثوري   للأوزاعي   : حدثنا يا أبا عمرو  حديثك مع عبد الله بن علي   . قال : نعم ، لما قدم الشام  ، وقتل بني أمية  ، جلس يوما على سريره ، وعبأ أصحابه أربعة أصناف : صنف معهم السيوف المسللة ، وصنف معهم الجزرة ، أظنها الأطبار ، وصنف معهم الأعمدة ، وصنف معهم الكافركوب ، ثم بعث إلي ، فلما صرت بالباب ، أنزلوني ، وأخذ اثنان بعضدي ، وأدخلوني بين الصفوف حتى أقاموني مقاما يسمع كلامي ، فسلمت . فقال : أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ؟  قلت : نعم ، أصلح الله الأمير . قال : ما تقول في دماء بني أمية  ؟ - فسأل مسألة رجل  [ ص: 129 ] يريد أن يقتل رجلا - فقلت : قد كان بينك وبينهم عهود . فقال : ويحك ! اجعلني وإياهم لا عهد بيننا . فأجهشت نفسي ، وكرهت القتل ، فذكرت مقامي بين يدي الله - عز وجل - فلفظتها ، فقلت : دماؤهم عليك حرام ، فغضب ، وانتفخت عيناه وأوداجه ، فقال لي : ويحك ، ولم ؟ ! قلت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : ثيب زان ، ونفس بنفس ، وتارك لدينه " قال : ويحك ، أوليس الأمر لنا ديانة ؟ ! قلت : وكيف ذاك ؟ . قال : أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أوصى إلى علي  ؟ قلت : لو أوصى إليه ما حكم الحكمين . فسكت ، وقد اجتمع غضبا ، فجعلت أتوقع رأسي تقع بين يدي ، فقال بيده : هكذا - أومأ أن أخرجوه - فخرجت ، فركبت دابتي ، فلما سرت غير بعيد ، إذا فارس يتلوني ، فنزلت إلى الأرض ، فقلت : قد بعث ليأخذ رأسي ، أصلي ركعتين ، فكبرت ، فجاء - وأنا قائم أصلي - فسلم ، وقال : إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير فخذها . فأخذتها ، ففرقتها قبل أن أدخل منزلي . فقال سفيان   : ولم أردك أن تحيد حين قال لك ما قال  . 
الوليد بن مزيد   : سمع الأوزاعي  يقول : لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء ، فإن فعل فقد خانهم  .  [ ص: 130 ] العباس بن الوليد   : حدثني عباس بن نجيح الدمشقي  ، حدثني عون بن حكيم  قال : حججت مع الأوزاعي  ، فلما أتى المدينة  ، وأتى المسجد  ، بلغ  مالكا  مقدمه ، فأتاه ، فسلم عليه ، فلما صليا الظهر تذاكرا أبواب العلم ، فلم يذكرا بابا إلا ذهب عليه الأوزاعي  فيه ، ثم صلوا العصر ، فتذاكرا ، كل يذهب عليه الأوزاعي  فيما يأخذان فيه ، حتى اصفرت الشمس ، أو قرب اصفرارها ، ناظره مالك  في باب المكاتبة والمدبر . 
العباس بن الوليد   : حدثنا محمد بن عبد الوهاب  ، قال : كنا عند  أبي إسحاق الفزاري  ، فذكر الأوزاعي  ، فقال : ذاك رجل كان شأنه عجيا ، كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر ، فيرد - والله - الجواب ، كما هو في الأثر ، لا يقدم منه ولا يؤخر . 
 الوليد بن مسلم   : سمعت صدقة بن عبد الله  يقول : ما رأيت أحدا أحلم ولا أكمل ولا أحمل فيما حمل من الأوزاعي   . 
العباس بن الوليد   : سمعت أبا مسهر  يقول : كان الأوزاعي  يقول : ما عرضت فيما حمل عني أصح من كتب الوليد بن مزيد   . 
أبو فروة  ، يزيد بن محمد الرهاوي   : سمعت أبي يقول : قلت  لعيسى بن يونس   : أيهما أفضل : الأوزاعي  أو سفيان  ؟ فقال : وأين أنت من سفيان  ؟ قلت : يا أبا عمرو   : ذهبت بك العراقية ، الأوزاعي  ، فقهه ، وفضله ، وعلمه ! فغضب ، وقال : أتراني أؤثر على الحق شيئا . سمعت الأوزاعي  يقول : ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على علي  بالنفاق ، وتبرأنا منه ، وأخذ علينا بذلك  [ ص: 131 ] الطلاق والعتاق وأيمان البيعة ، قال : فلما عقلت أمري ، سألت مكحولا   ويحيى بن أبي كثير  ،  وعطاء بن أبي رباح  ،  وعبد الله بن عبيد بن عمير  ، فقال : ليس عليك شيء ، إنما أنت مكره ، فلم تقر عيني . حتى فارقت نسائي ، وأعتقت رقيقي ، وخرجت من مالي ، وكفرت أيماني . فأخبرني : سفيان  كان يفعل ذلك ؟ 
العباس بن الوليد   : حدثنا أبو عبد الله بن فلان   : سمعت الأوزاعي  يقول : نتجنب من قول أهل العراق   خمسا ، ومن قول أهل الحجاز   خمسا . من قول أهل العراق    : شرب المسكر ، والأكل عند الفجر في رمضان ، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار ، وتأخير العصر حتى يكون ظل كل شيء أربعة أمثاله ، والفرار يوم الزحف . ومن قول أهل الحجاز   : استماع الملاهي ، والجمع بين الصلاتين من غير عذر ، والمتعة بالنساء ، والدرهم بالدرهمين ، والدينار بالدينارين يدا بيد ، وإتيان النساء في أدبارهن .  [ ص: 132 ] عن سعيد بن سالم  صاحب الأوزاعي   : قدم أبو مرحوم  من مكة  على الأوزاعي  ، فأهدى له طرائف ، فقال له : إن شئث قبلت منك ، ولم تسمع مني حرفا ، وإن شئت ، فضم هديتك ، واسمع  . 
قال  الوليد بن مسلم   : قلت لسعيد بن عبد العزيز   : من أدركت من التابعين كان يبكر إلى الجمعة ؟ قال : ما رأيت أبا عمرو  ؟ قلت : بلى . قال : فإنه قد كفا من قبله ، فاقتد به ، فلنعم المقتدى  . 
موسى بن أعين   : قال الأوزاعي   : كنا نضحك ونمزح ، فلما صرنا يقتدى بنا ، خشيت أن لا يسعنا التبسم  . قال الوليد بن مزيد   : رأيت الأوزاعي  يعتم ، فلا يرخي لها شيئا . 
ذكر بعض الحفاظ أن حديث الأوزاعي  نحو الألف - يعني المسند - أما المرسل والموقوف ، فألوف . وهو في الشاميين نظير معمر لليمانيين ، ونظيرالثوري  للكوفيين ، ونظير مالك  للمدنيين ، ونظير الليث  للمصريين ، ونظير حماد بن سلمة  للبصريين . 
أخبرنا أحمد بن إسحاق القرافي  بها ، أنبأنا المبارك بن أبي الجود  ببغداد  ، أنبأنا أحمد بن أبي غالب الزاهد  ، أنبأنا عبد العزيز بن علي الأنماطي  ، أنبأنا الشيخ أبو طاهر المخلص  ، حدثنا عبد الله بن محمد  ، حدثنا  داود بن رشيد  ، حدثنا شعيب بن إسحاق  ، عن الأوزاعي  ، حدثني يحيى بن  [ ص: 133 ] أبي كثير  ، حدثني أبو قلابة الجرمي  ، حدثني أنس بن مالك  ، قال : قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية نفر من عكل  ، فاجتووا المدينة فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فأتوها ، فقتلوا رعاتها ، واستاقوا الإبل . فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم قافة ، فأتى بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ثم لم يحسمهم أخرجه  البخاري  ، عن رجل ، عن شعيب   . 
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي  ، أنبأنا الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن الأسدي الدمشقي  ، أنبأنا جدي ، أنبأنا علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء الفقيه  ، حدثنا محمد بن الفضل الفراء  بمصر  ، أنبأنا أبو الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين السندي  ، حدثنا فهد بن سليمان  ، حدثنا محمد بن كثير  ، سمعت الأوزاعي  ، عن قتادة  ، عن أنس  ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر  وعمر   : " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ، إلا النبيين والمرسلين "  [ ص: 134 ] هذا حديث حسن اللفظ ، لولا لين في محمد بن كثير المصيصي  لصحح . أخرجه الترمذي  ، وحسنه عن الحسن بن الصباح  ، عن ابن كثير   . وأخرجه الحافظ الضياء  في " المختارة " عن هذا الأسدي   . 
				
						
						
