قال عطاء الخفاف   : ما لقيت سفيان  إلا باكيا ، فقلت : ما شأنك ؟ قال : أتخوف أن أكون في أم الكتاب شقيا 
قال ابن مهدي   : جر أمير المؤمنين سفيان  إلى القضاء ، فتحامق عليه ليخلص نفسه منه ، فلما علم أنه يتحامق ، أرسله ، وهرب هو  . . . ، وذكر الحكاية . رواها محمد بن إسحاق بن الوليد  ، عن عبد الله أخي رسته  ، عنه . ابن المبارك   : عن سفيان  ، قال : ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة  . 
قال ابن وهب   : رأيت الثوري  في الحرم  بعد المغرب ، صلى ثم سجد سجدة ، فلم يرفع حتى نودي بالعشاء  . وبه : قال أبو نعيم   : حدثنا  الطبراني  ، حدثنا علي بن عبد العزيز  ، حدثنا عارم  ، قال : أتيت أبا منصور  أعوده ، فقال لي : بات سفيان  في هذا البيت ، وكان هنا بلبل لابني ، فقال : ما بال هذا محبوسا ؟ لو خلي عنه . قلت : هو لابني ، وهو يهبه لك . قال : لا ، ولكن أعطيه دينارا . قال : فأخذه ، فخلى عنه ، فكان يذهب ويرعى ، فيجيء بالعشي ، فيكون في ناحية البيت ، فلما مات سفيان  ، تبع جنازته ، فكان يضطرب على قبره ، ثم اختلف بعد ذلك ليالي إلى قبره ، فكان ربما بات عليه ، وربما رجع إلى البيت ، ثم وجدوه ميتا عند قبره ، فدفن عنده  . 
أبو منصور - هو بسر بن منصور السليمي   - : كان سفيان  مختفيا عنده بالبصرة  بعد أن خرج من دار عبد الرحمن بن مهدي  ، قاله  الطبراني   . وفي غير حكاية : أن سفيان  كان يقبل هدية بعض الناس ، ويثيب عليها  .  [ ص: 267 ] وعن ابن مهدي  ، قال : ما كنت أقدر أن أنظر إلى سفيان  استحياء وهيبة منه 
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنيني   : قال لنا الثوري   - وسئل - قال : لها عندي أول نومة تنام ما شاءت ، لا أمنعها ، فإذا استيقظت ، فلا أقيلها والله . 
الحسين بن عون   : سمعت  يحيى القطان  يقول : ما رأيت رجلا أفضل من سفيان  ، لولا الحديث كان يصلي ما بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، فإذا سمع مذاكرة الحديث ، ترك الصلاة ، وجاء  . 
وقال خلف بن إسماعيل   : قلت لسفيان   : إذا أخذت في الحديث نشطت وأنكرتك ، وإذا كنت في غير الحديث كأنك ميت ! فقال : أما علمت أن الكلام فتنة ؟ 
قال مهران الرازي   : رأيت الثوري  إذا خلع ثيابه طواها ، وقال : إذا طويت ، رجعت إليها نفسها  . 
وقيل : التقى سفيان  والفضيل  فتذاكرا ، فبكيا ، فقال سفيان   : إني لأرجو أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلس جلسناه بركة . فقال له فضيل   : لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه شؤما ، أليس نظرت إلى أحسن ما عندك ، فتزينت به لي ، وتزينت لك ، فعبدتني وعبدتك ؟ فبكى سفيان  حتى علا نحيبه ، ثم قال : أحييتني أحياك الله  . 
أبو سعيد الأشج   : سمعت أبا عبد الرحمن الحارثي  يقول : دفن سفيان  كتبه ، فكنت أعينه عليها فقلت : يا أبا عبد الله   ! و في الركاز الخمس  [ ص: 268 ] فقال : خذ ما شئت . فعزلت منها شيئا ، كان يحدثني منه  . عن يعلى بن عبيد   : قال سفيان   : لو كان معكم من يرفع حديثكم إلى السلطان ، أكنتم تتكلمون بشيء ؟ قلنا : لا . قال : فإن معكم من يرفع الحديث  . 
وعن سفيان   : الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس ، وأول ذلك زهدك في نفسك  . 
عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش   : حدثنا  زيد بن أبي الزرقاء  ، سمعت الثوري  يقول : خرجت حاجا أنا وشيبان الراعي  مشاة ، فلما صرنا ببعض الطريق ، إذا نحن بأسد قد عارضنا ، فصاح به شيبان  ، فبصبص وضرب بذنبه مثل الكلب ، فأخذ شيبان  بأذنه ، فعركها ، فقلت : ما هذه الشهرة لي ؟ قال : وأي شهرة ترى يا ثوري ؟ لولا كراهية الشهرة ، ما حملت زادي إلى مكة  إلا على ظهره  . 
الحسن بن علي الحلواني   : سألت محمد بن عبيد   : أكان لسفيان  امرأة ؟ قال : نعم ، رأيت ابنا له ، بعثت به أمه إليه ، فجاء ، فجلس بين يديه ، فقال سفيان   : ليت أني دعيت لجنازتك . قلت لمحمد   : فما لبث حتى دفنه ؟ قال : نعم  . 
وعن سفيان   : من سر بالدنيا ، نزع خوف الآخرة من قلبه  .  [ ص: 269 ] وعنه : وملكا كبيرا  قال : استئذان الملائكة عليهم . الفريابي   : سمعت الأوزاعي  وسفيان  يقولان : لما ألقي دانيال  في الجب مع السباع ، قال : إلهي ! بالعار والخزي الذي أصبنا سلطت علينا من لا يعرفك  . 
وقال الخريبي   : جلست إلى  إبراهيم بن أدهم  فكأنه عاب على سفيان  ترك الغزو ، وقال : هذا الأوزاعي  يغزو وهو أسن منه . فقلت لبهيم : ما كان يعني سفيان  في ترك الغزو ؟ قال : كان يقول : إنهم يضيعون الفرائض  . 
قال  حفص بن غياث   : كنا نتعزى عن الدنيا بمجلس سفيان   . 
خلف بن تميم   : سمعت سفيان  يقول : وجدت قلبي يصلح بين مكة  والمدينة  ، مع قوم غرباء ، أصحاب صوف وعباء  . 
وعن  وكيع  قال : قالت أم سفيان  لسفيان   : اذهب ، فاطلب العلم حتى أعولك بمغزلي ، فإذا كتبت عدة عشرة أحاديث ، فانظر هل تجد في نفسك زيادة ، فاتبعه ، وإلا فلا تتعن  . 
قال الأوزاعي   : لم يبق من يجتمع عليه العامة بالرضى والصحة ، إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة   - يعني سفيان   - . قال  وكيع   : كان سفيان  بحرا . 
وقال ابن أبي ذئب   : ما رأيت رجلا بالعراق  يشبه ثوريكم هذا . 
وقال ابن إدريس   : ما رأيت بالكوفة  من أود أني في مسلاخه إلا سفيان   .  [ ص: 270 ] 
قال الفريابي   : زارني ابن المبارك  ، فقال : أخرج إلي حديث الثوري  ، فأخرجته إليه ، فجعل يبكي حتى أخضل لحيته ، وقال : رحمه الله ، ما أرى أني أرى مثله أبدا . 
وقال زائدة   : سفيان  أفقه أهل الدنيا . 
قال  زيد بن أبي الزرقاء   : كان المعافى  يعظ الثوري  ، يقول : يا أبا عبد الله   ! ما هذا المزاح ؟ ليس هذا من فعل العلماء . وسفيان  يقبل منه  . 
روى ضمرة  ، عن سفيان  قال : يثغر الغلام لسبع ، ويحتلم بعد سبع ، ثم ينتهي طوله بعد سبع ، ثم يتكامل عقله بعد سبع ، ثم هي التجارب  . 
قال أبو أسامة   : مرض سفيان  ، فذهبت بمائه إلى الطبيب ، فقال : هذا بول راهب ، هذا رجل قد فتت الحزن كبده ، ما له دواء  . 
قال ضمرة   : سمعت  مالكا  يقول : إنما كانت العراق  تجيش علينا بالدراهم والثياب ، ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري   . وكان سفيان  يقول : مالك  ليس له حفظ . 
قلت : هذا يقوله سفيان  لقوة حافظته بكثرة حديثه ورحلته إلى الآفاق ، وأما مالك  ، فله إتقان وفقه ، لا يدرك شأوه فيه ، وله حفظ تام ، فرضي الله عنهما . 
وقال  أبو حاتم الرازي   : سفيان  فقيه حافظ زاهد إمام ، هو أحفظ من شعبة   . 
وقال أبو زرعة   : سفيان  أحفظ من شعبة  في الإسناد والمتن .  [ ص: 271 ] 
				
						
						
