[ ص: 408 ] الهجيمي 
شيخ الصوفية ، العابد القانت ، أحمد بن عطاء الهجيمي ، البصري القدري المبتدع ، فما أقبح بالزهاد ركوب البدع . 
كان تلميذ شيخ البصرة  عبد الواحد بن زيد  ، ذكره أبو سعيد بن الأعرابي  في " طبقات النساك " فقال : برز في العبادة والاجتهاد ، وأخذ المعلوم من القوت ، وذكر أن الطريق إلى الله لا يكون إلا من هذه الأبواب : الصوم ، والصلاة ، والجوع ، وكان يميل إلى اكتساب القوت بيده ، ولزم طريق شيخه في اللطف ، فكان قدريا غير معتزلي ، وكتب شيئا من الحديث . 
قال عبد الرحمن بن عمر رسته   : رآني ابن مهدي  يوم جمعة جالسا إلى جنب أحمد بن عطاء  ، وكان يتكلم في القدر ، وكان أزهد من رأيت فاعتذرت إلى عبد الرحمن  ، فقال : لا تجالسه ، فإن أهون ما ينزل بك أن تسمع منه شيئا يجب لله عليك أن تقول له : كذبت ، ولعلك لا تفعل . 
وكان ابن عطاء  قد نصب نفسه للأستاذية ، ووقف دارا في بلهجيم للمتعبدين والمريدين يقص عليهم ، قال ابن الأعرابي   : وأحسبها أول دار وقفت بالبصرة  للعبادة . 
صحبه جماعة منهم أحمد بن غسان الزاهد  ، وأبو بكر  [ ص: 409 ] العطشي  وأبو عبد الله الحمال  ، وجلس في المشيخة بعده ابن غسان  ، فوقف دارا لنفسه . 
قال  الدارقطني   : أحمد بن عطاء الهجيمي  يروي عن خالد العبد  ، وعن الضعفاء ، متروك الحديث . 
وقال زكريا الساجي   : هو صاحب المضمار ، وكان مجتهدا - يعني في العبادة - وكان مغفلا يحدث بما لم يسمع . 
وقال  علي بن المديني   : أتيته يوما ، فوجدت معه درجا يحدث به ، فقلت له : أسمعت هذا ؟ قال : لا ولكن اشتريته وفيه أحاديث حسان أحدث بها هؤلاء ، فقلت : أما تخاف الله ؟ تقرب العباد إلى الله بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ! . 
قلت : ما كان الرجل يدري ما الحديث ، ولكنه عبد صالح ، وقع في القدر ، نعوذ بالله من ترهات الصوفة ، فلا خير إلا في الاتباع ، ولا يمكن الاتباع إلا بمعرفة السنن . 
توفي الهجيمي  هذا سنة مائتين . 
ومات أحمد بن غسان  قبل الثلاثين ومائتين . ولكنه رجع عن القدر ، وامتنع من القول بخلق القرآن ، فأخذ ، وحبس ، فرأى في الحبس  أحمد بن حنبل  ،  والبويطي  ، فأعجبهما سمته وكلامه ، وخاطباه ، فانتفع . 
قال ابن الأعرابي   : إلا أن أصحابه ينكرون رجوعه عن القدر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					