الباب
كبير الإمامية ومن كان أحد الأبواب إلى صاحب الزمان المنتظر ، الشيخ الصالح أبو القاسم حسين بن روح بن بحر القيني .
قال ابن أبي طي في " تاريخه " نص عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمان العمري وجعله من أول من يدخل حين جعل الشيعة طبقات .
[ ص: 223 ] قال : وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة : فلما مات أبو جعفر صارت النيابة إلى حسين هذا ، فجلس في الدار ، وحف به الشيعة ، فخرج ذكاء الخادم ، ومعه عكازة ومدرج وحقة ، وقال له : إن مولانا قال : إذا دفنني أبو القاسم حسين ، وجلس ، فسلم إليه هذا ، وإذا في الحق خواتيم الأئمة . ثم قام ومعه طائفة فدخل دار أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني وكثرت غاشيته حتى كان الأمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان ، وتواصف الناس عقله وفهمه .
فروى علي بن محمد الإيادي ، عن أبيه ، قال : شاهدته يوما ، وقد دخل عليه أبو عمر القاضي فقال له أبو القاسم : صواب الرأي عند المشفق عبرة عند المتورط ، فلا يفعل القاضي ما عزم عليه . فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ، ثم قال : من أين لك هذا ؟ فقال : إن كنت قلت لك ما عرفته ، فمسألتي من أين لك ؟ فضول ، وإن كنت لم تعرفه ، فقد ظفرت بي . قال : فقبض أبو عمر على يديه ، وقال : لا بل والله أؤخرك ليومي أو لغدي . فلما خرج ، قال أبو القاسم : ما رأيت محجوجا قط يلقى البرهان بنفاق مثل هذا ، كاشفته بما لم أكاشف به غيره .
ولم يزل أبو القاسم وافر الحرمة إلى أن وزر حامد بن العباس ، فجرت له معه خطوب يطول شرحها .
ثم سرد ابن أبي طي ترجمته في أوراق ، وكيف أخذ وسجن خمسة [ ص: 224 ] أعوام ، وكيف أطلق وقت خلع المقتدر ، فلما أعادوه إلى الخلافة شاوروه فيه ، فقال : دعوه فبخطيته أوذينا .
وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن مات في سنة ست وعشرين وثلاثمائة ، وقد كاد أمره أن يظهر .
قلت : ولكن كفى الله شره ; فقد كان مضمرا لشق العصا .
وقيل : كان يكاتب القرامطة ليقدموا بغداد ويحاصروها .
وكانت الإمامية تبذل له الأموال ، وله تلطف في الذب عنه ، وعبارات بليغة تدل على فصاحته وكمال عقله ، وكان مفتي الرافضة وقدوتهم ، وله جلالة عجيبة ، وهو الذي رد على الشلمغاني لما علم انحلاله .