ابن مهران 
الإمام الحافظ الثبت القدوة ، شيخ الإسلام أبو مسلم ، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران بن سلمة البغدادي   . 
سمع محمد بن محمد الباغندي  ، وأبا القاسم البغوي  ، وابن أبي داود  ، وأبا عروبة الحراني  ، وأبا محمد بن صاعد  ، وأبا الحسن بن جوصا  ، وأبا حامد بن بلال  ، وخلقا كثيرا بالعراق  ، والشام  ، والجزيرة  ، وخراسان  ، وما وراء النهر  ، وأقام بسمرقند  نحوا من ثلاثين سنة . 
حدث عنه : أحمد بن محمد الكاتب  ، وعلي بن محمد الحذاء المقرئ  ،  وأبو عبد الله الحاكم  ، وأبو العلاء الواسطي  ، وآخرون ، وكان ممن برز  [ ص: 336 ] في العلم والعمل . 
قال أبو الفتح بن أبي الفوارس   : كان ثبتا ، زاهدا ، ما رأينا مثله . 
وقال  الحاكم   : كان أوحد عصره في علم أهل الحقائق ، وله قدم في معرفة الحديث ، ورد نيسابور  ، ودخل إلى سمرقند  وأقام بها ، وجمع المسند الكبير على الرجال ، ثم خرج إلى مكة  سنة ثمان وستين وجاور بها . 
قال ابن أبي الفوارس   : وصنف أبو مسلم  أشياء كثيرة . 
وقال الخطيب   : جمع أحاديث المشايخ والأبواب ، وكان متقنا ، حافظا ، مع ورع وزهد وتدين . ذكره لي أبو العلاء الواسطي  يوما فأطنب في وصفه ، وقال : كان  الدارقطني  والشيوخ يعظمونه . 
قال  الحاكم   : دخلت مرو  وما وراء النهر  فلم أظفر به . وفي سنة خمس وستين في الحج طلبته في القوافل ، فأخفى نفسه ، فحججت سنة سبع وستين ، وعندي أنه بمكة  ، فقالوا : هو ببغداد  ، فاستوحشت من ذلك وتطلبته ، ثم قال لي أبو نصر الملاحمي  ببغداد   : هنا شيخ من الأبدال تشتهي أن تراه ؟ قلت : بلى ، فذهب بي ، فأدخلني خان الصباغين ، فقالوا : خرج ، فقال أبو نصر   : تجلس في هذا المسجد ، فإنه يجيء ، فقعدنا ، وأبو نصر  لم يذكر لي من هو الشيخ ، فأقبل أبو نصر  ومعه شيخ نحيف ضعيف برداء ، فسلم علي ، فألهمت أنه أبو مسلم الحافظ  ، فبينا نحن نحدثه إذ قلت له : وجد الشيخ هاهنا من أقاربه أحدا ؟ قال : الذين أردت لقاءهم انقرضوا ، فقلت له : هل خلف  [ ص: 337 ] إبراهيم  ولدا ؟ - أعني أخاه الحافظ - ، قال : ومن أين عرفته ؟ فسكت ، فقال لأبي نصر   : من هذا الكهل ؟ قال : أبو فلان ، فقام إلي وقمت إليه ، وشكا شوقه ، وشكوت مثله ، واشتفينا من المذاكرة ، وجالسته مرارا ، ثم ودعته يوم خروجي ، فقال : يجمعنا الموسم ، فإن علي أن أجاور ، ثم حج سنة ثمان وستين ، وجاور إلى أن مات ، وكان يجتهد أن لا يظهر لحديث ولا لغيره ، وكان أخوه إبراهيم  من الحفاظ الكبار . 
أخبرنا المؤمل بن محمد  ، أخبرنا أبو اليمن الكندي  ، أخبرنا الشيباني  ، أخبرنا الخطيب  ، أخبرني محمد بن علي المقرئ  ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران  ، حدثنا عبد المؤمن بن خلف  ، سمعت صالح بن محمد  ، سمعت أبا زرعة  يقول : كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث : إبراهيم الفراء  ، وعبد الله بن أبي شيبة   . 
قال أبو عبد الرحمن السلمي  وغيره : مات بمكة  سنة خمس وسبعين وثلاثمائة . 
قلت : وفيها توفي محدث نيسابور  أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر البحيري  ، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد العسكري  ببغداد  ، وشيخ الشافعية أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الداركي  ، ومحدث بغداد  أبو حفص عمر بن محمد بن الزيات  ، وشيخ المالكية القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري  ، ومحدث الشام  أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي  ، والواعظ صاحب كتاب " تنبيه الغافلين " أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي  ، والمسند عبد العزيز بن جعفر الخرقي  ببغداد   . 
				
						
						
