الإمام الحافظ ، البارع الثقة ، أبو الوليد ، عبد الله بن محمد بن [ ص: 178 ] يوسف بن نصر ، القرطبي ، ابن الفرضي ، مصنف " تاريخ الأندلسيين " .
أخذ عن : أبي جعفر بن عون الله ، وأبي عبد الله بن مفرج ، وعبد الله بن قاسم ، وعباس بن أصبغ ، وخلف بن القاسم ، وخلق ، وحج ، فحمل عن : أبي بكر أحمد بن محمد بن المهندس ، ويوسف بن الدخيل ، والحسن بن إسماعيل الضراب ، وأبي محمد بن أبي زيد ، وأحمد بن رحمون ، وأحمد بن نصر الداودي .
وله تأليف في " أخبار شعراء الأندلس " ، ومصنف في " المؤتلف والمختلف " ، وفي " مشتبه النسبة " .
حدث عنه : أبو عمر بن عبد البر ، وقال : كان فقيها حافظا ، عالما في جميع فنون العلم في الحديث والرجال ، أخذت معه عن أكثر شيوخي ، وكان حسن الصحبة والمعاشرة ، قتلته البربر ، وبقي ملقى في داره ثلاثة أيام . [ ص: 179 ]
وقال أبو مروان بن حيان : وممن قتل يوم أخذ قرطبة الفقيه الأديب الفصيح ابن الفرضي ، وووري متغيرا من غير غسل ، ولا كفن ولا صلاة ، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية ، وحفظ الحديث ، ومعرفة الرجال ، والافتنان في العلوم والأدب البارع ، ولد سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ، وحج سنة اثنتين وثمانين ، وجمع من الكتب أكثر ما يجمعه أحد في علماء البلد ، وتقلد قراءة الكتب بعهد العامرية ، واستقضاه محمد المهدي ببلنسية ، وكان حسن البلاغة والخط .
قال حدثنا الحميدي علي بن أحمد الحافظ أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال : تعلقت بأستار الكعبة ، وسألت الله -تعالى- الشهادة ، ثم فكرت في هول القتل ، فندمت ، وهممت أن أرجع ، فأستقيل الله ذلك ، فاستحييت . قال الحافظ علي : فأخبرني من رآه بين القتلى ، ودنا منه ، فسمعه يقول بصوت ضعيف : كأنه يعيد على نفسه الحديث ، ثم قضى على إثر ذلك رحمه الله . لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك
وله شعر رائق فمنه : [ ص: 180 ]
إن الذي أصبحت طوع يمينه إن لم يكن قمرا فليس بدونه ذلي له في الحب من سلطانه
وسقام جسمي من سقام جفونه
أسير الخطايا عند بابك واقف على وجل مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها ويرجوك فيها فهو راج وخائف
ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي! لا تخزني في صحيفتي إذا نشرت يوم الحساب الصحائف
قتل -رحمه الله- سنة ثلاث وأربعمائة كهلا .