أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران ، [ ص: 454 ] الإمام الحافظ ، الثقة العلامة ، شيخ الإسلام ، أبو نعيم ، المهراني ، الأصبهاني ، الصوفي ، الأحول ، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء ، وصاحب " الحلية " . ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة .
وكان أبوه من علماء المحدثين والرحالين ، فاستجاز له جماعة من كبار المسندين ، فأجاز له من الشام خيثمة بن سليمان بن حيدرة ، ومن نيسابور أبو العباس الأصم ، ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوذب ، ومن بغداد أبو سهل بن زياد القطان ، وجعفر بن محمد بن نصير الخلدي ، ومن الدينور أبو بكر بن السني ، وآخرون .
وسمع من أبي محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ، ومن القاضي ، أبي أحمد العسال وأحمد بن بندار الشعار ، وأحمد بن معبد السمسار ، وأحمد بن محمد القصار ، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني ، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف التيمي ، والحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي ، وأبي إسحاق بن حمزة ، ، وأبي القاسم الطبراني وعبد الله بن محمد بن إبراهيم العقيلي ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سياه ، ومحمد بن معمر بن ناصح الذهلي ، والحافظ محمد بن عمر الجعابي قدم عليهم ، وأبي الشيخ بن حيان ، وابن المقرئ وخلق كثير بأصبهان .
ومن أبي بكر بن الهيثم الأنباري ، وأحمد بن يوسف بن [ ص: 455 ] خلاد النصيبي وأبي علي بن الصواف وأبي بحر بن كوثر البربهاري وعبد الرحمن بن العباس والد المخلص ، وعيسى بن محمد الطوماري ومخلد بن جعفر الدقيقي ، وأبي بكر القطيعي ، وطبقتهم ببغداد ، وحبيب بن الحسن القزاز ، وفاروق بن عبد الكبير الخطابي ، وعبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري ، وأحمد بن الحسن بن القاسم بن الريان اللكي ، ومحمد بن علي بن مسلم العامري ، وطبقتهم بالبصرة ، وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم ، وأبي بكر عبد الله بن يحيى الطلحي ، وعدة بالكوفة ، ومن أبي عمرو بن حمدان ، ، وأبي أحمد الحاكم وحسينك التميمي وخلق بنيسابور ، وأحمد بن إبراهيم الكندي ، وأبي بكر الآجري ، وغيرهما بمكة . وعمل " معجم " شيوخه ، وكتاب " الحلية " ، و " المستخرج [ ص: 456 ] على الصحيحين " و " تاريخ أصبهان " و " صفة الجنة " ، وكتاب " دلائل النبوة " وكتاب " فضائل الصحابة " ، وكتاب " علوم الحديث " ، وكتاب " النفاق " . ومصنفاته كثيرة جدا .
روى عنه : كوشيار بن لياليزور الجيلي ومات قبله بأزيد من ثلاثين سنة ، وأبو سعد الماليني ومات قبله بثمانية عشر عاما ، وأبو بكر بن أبي علي الهمداني ، ، وأبو بكر الخطيب وأبو علي الوخشي وأبو صالح المؤذن ، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ ، وهبة الله بن محمد الشيرازي ، ويوسف بن الحسن التفكري وعبد السلام بن أحمد القاضي ، ومحمد بن عبد الجبار بن ييا وأبو سعد محمد بن محمد المطرز ، ومحمد بن عبد الواحد بن محمد الصحاف ، ومحمد بن عبد الله الأدمي الفقيه ، وأبو غالب محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء القاضي ، وأبو الفضائل محمد بن أحمد بن يونس ، ومحمد بن سعد بن ممك العطار ، وأبو سعد محمد [ ص: 457 ] بن سرفرتج وأبو منصور محمد بن عبد الله بن مندويه الشروطي ، والأديب محمد بن محمود الثقفي ، ومحمد بن الفضل بن كندوج ، ومحمد بن علي بن محمد بن المرزبان ، ومحمد بن حسين بن محمد بن زيلة ، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري ، وأحمد بن منصور القاص ، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن رشيد الأدمي ، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمد التيمي اللبان ، وإسماعيل بن الحسن ، العلوي ، وأبو نصر إسماعيل بن المحسن بن طراق ، وبندار بن محمد الخلقاني ، وحمد بن علي الباهلي الدلال ، وأبو العلاء حمد بن عمر الشرابي ، وحمد بن محمد التاجر ، وحمد بن محمود البقال ، وأبو العلاء حسين بن عبيد الله الصفار ، وحيدر بن الحسن السلمي ، وخالد بن عبد الواحد التاجر ، وأبو بكر ذو النون بن سهل الأشناني ، وزكريا بن محمد الكاتب ، وسعيد بن محمد بن عبد الله التميمي ، وأبو زيد سعد بن عبد الرحمن الصحاف ، وسهل بن محمد المغازلي ، وصالح بن عبد الواحد البقال ، وأبو علي صالح بن محمد الفابجاني وعبد الله بن عبد الرزاق بن ررا ، وأبو زيد عبيد الله بن عبد الواحد الخرقي ، وأبو محمد عبيد الله بن الخصيب الحلاوي ، وأبو الرجاء عبيد الله بن أحمد ، وأبو طاهر عبد الواحد بن أحمد الشرابي ، وعبد الجبار بن عبد الله بن فورويه الصفار ، وأبو طاهر علي بن عبد الواحد [ ص: 458 ] بن فاذشاه ، وعلي بن أحمد البرجي ، وغانم بن محمد بن عبيد الله البرجي ، وعباد بن منصور المعدل ، والفضل بن عبد الواحد ، والفضل بن عمر بن سهلويه ، وأبو طاهر المحسد بن محمد ، ومبشر بن محمد الجرجاني الواعظ ، وأبو علي الحداد ، وأخوه أبو الفضل حمد ، وخلق كثير من مشيخة السلفي خاتمتهم بعد الحداد أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدشتج الذهبي . وكان حافظا مبرزا عالي الإسناد ، تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي ، وهاجر إلى لقيه الحفاظ .
قال أبو محمد السمرقندي : سمعت أبا بكر الخطيب يقول : لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين ; أبو نعيم الأصبهاني وأبو حازم العبدويي .
قال ابن المفضل الحافظ : جمع شيخنا أبو طاهر السلفي أخبار أبي نعيم وذكر من حدثه عنه ، وهم نحو الثمانين ، وقال : لم يصنف مثل كتابه " حلية الأولياء " ، سمعناه من أبي المظفر القاساني عنه سوى فوت يسير . [ ص: 459 ]
قال أحمد بن محمد بن مردويه : كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ، ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه ، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده ، فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر ، فإذا قام إلى داره ، ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء ، وكان لا يضجر ، لم يكن له غداء سوى التصنيف والتسميع .
قال حمزة بن العباس العلوي : كان أصحاب الحديث يقولون : بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير ، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى منه إسنادا ، ولا أحفظ منه . وكانوا يقولون : لما صنف كتاب " الحلية " حمل الكتاب إلى نيسابور حال حياته ، فاشتروه بأربعمائة دينار .
قلت : روى أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه عن رجل ، عن أبي نعيم ، فقال في كتاب " طبقات الصوفية " : حدثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن علي بن حبيش المقرئ . ببغداد ، حدثنا أحمد بن محمد بن سهل الأدمي فذكر حديثا .
قال أبو طاهر السلفي : سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبار الفرساني يقول : حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي الذكواني المعدل في صغري مع أبي ، فلما فرغ من إملائه ، قال إنسان : من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم ، فليقم . وكان أبو نعيم في ذلك الوقت مهجورا بسبب المذهب ، وكان بين الأشعرية والحنابلة تعصب [ ص: 460 ] زائد يؤدي إلى فتنة ، وقيل وقال ، وصداع طويل ، فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام ، وكاد الرجل يقتل .
قلت : ما هؤلاء بأصحاب الحديث ، بل فجرة جهلة ، أبعد الله شرهم .
قال : ذكر الشيخ الحافظ أبو القاسم بن عساكر أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان أمر عليها واليا من قبله ، ورحل عنها ، فوثب أهلها بالوالي ، فقتلوه ، فرجع السلطان إليها ، وآمنهم حتى اطمأنوا ، ثم قصدهم في يوم جمعة وهم في الجامع ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وكانوا قبل ذلك منعوا الحافظ أبا نعيم من الجلوس في الجامع ، فسلم مما جرى عليهم ، وكان ذلك من كرامته .
وقال : سمعت عبد محمد بن طاهر المقدسي الوهاب الأنماطي يقول : رأيت بخط أبي بكر الخطيب : سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم ، عن جزء محمد بن عاصم : كيف قرأته على أبي نعيم ، وكيف رأيت سماعه ؟ فقال : أخرج إلي كتابا ، وقال : هو سماعي ، فقرأته عليه . ثم قال الخطيب : قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها ، منها أن يقول في الإجازة : أخبرنا من غير أن يبين . [ ص: 461 ]
قال الحافظ أبو عبد الله ابن النجار : جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نعيم ، والحافظ الصادق إذا قال : هذا الكتاب سماعي ، جاز أخذه عنه بإجماعهم .
قلت : قول الخطيب : كان يتساهل . . . إلى آخره ، هذا شيء قل أن يفعله أبو نعيم ، وكثيرا ما يقول : كتب إلي الخلدي ، ويقول : كتب إلي أبو العباس الأصم ، وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه . ولكني رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذي سمع منه كثيرا وهو أكبر شيخ له : أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه ; فيوهم أنه سمعه ، ويكون مما هو له بالإجازة ، ثم إطلاق الإخبار على ما هو بالإجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي الأندلس ، وتوسعوا فيه . وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل الأصم وأبي الميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم بل له منهم إجازة ، كان له سائغا ، والأحوط تجنبه
حدثني أبو الحجاج الكلبي الحافظ أنه رأى خط الحافظ ضياء الدين قال : وجدت بخط أبي الحجاج بن خليل أنه قال : رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم .
قلت : فبطل ما تخيله الخطيب ، وتوهمه ، وما أبو نعيم بمتهم ، بل هو صدوق عالم بهذا الفن ، ما أعلم له ذنبا والله يعفو عنه أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ، ثم يسكت عن توهيتها . [ ص: 462 ]
قال الحافظ أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو : سمعت أبا الحسين القاضي ، سمعت عبد العزيز النخشبي يقول : لم يسمع أبو نعيم " مسند " الحارث بن أبي أسامة بتمامه من أبي بكر بن خلاد ، فحدث به كله ، فقال الحافظ ابن النجار : قد وهم في هذا ، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وخط أبي نعيم عليها يقول : سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا " المسند " من ابن خلاد ، ويمكن أن يكون روى الباقي بالإجازة ، ثم قال :
لو رجم النجم جميع الورى لم يصل الرجم إلى النجم
قلت : قد كان أبو عبد الله بن منده يقذع في المقال في أبي نعيم لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي الحسن ، ونال أبو نعيم أيضا من أبي عبد الله في " تاريخه " ، وقد عرف وهن كلام الأقران المتنافسين بعضهم في بعض . نسأل الله السماح .
وقد نقل الحافظان ابن خليل والضياء جملة صالحة إلى الشام من تواليف أبي نعيم ورواياته ، أخذها عنهما شيوخنا ، وعند شيخنا أبي الحجاج من ذلك شيء كثير بالإجازة العالية " كالحلية " ، و " المستدرك على صحيح مسلم " . مات في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة . وله أربع وتسعون سنة . [ ص: 463 ] أبو نعيم الحافظ
أخبرنا الحسن بن علي وسليمان بن قدامة قالا : أخبرنا جعفر بن منير ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه ، وحمد بن سهلويه الشرابي ، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري ، وأبو علي الحداد قالوا : أخبرنا ، حدثنا أبو نعيم الحافظ أبو إسحاق بن حمزة ، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا عبادة بن زياد ، حدثنا يونس بن أبي يعفور ، عن أبيه ، سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي .
أخبرنا أحمد بن محمد الآنمي غير مرة ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال ( ح ) وأنبأني ابن سلامة عن الجمال ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القصار ، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل ، سمعت أبي ، سمعت سفيان ، سمعت الزهري ، سمعت ابن المسيب يقول : طوبى لمن كان عيشه كفافا وقوله سدادا .
ومات معه في سنة ثلاثين مسند العراق أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الواعظ ، ومسند الأندلس أبو عمرو أحمد بن محمد بن هشام بن جهور له إجازة الآجري ، وشيخ التفسير أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير ، وصاحب الآداب أبو منصور عبد [ ص: 464 ] الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي والعلامة أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي المصري صاحب كتاب " الإعراب " ، والعلامة أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي شيخ المالكية بالقيروان .