أبو يوسف القزويني 
الشيخ العلامة البارع شيخ المعتزلة  وفاضلهم أبو يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار القزويني المفسر نزيل بغداد   . 
سمع أبا عمر بن مهدي  ، والقاضي عبد الجبار بن أحمد  وأخذ عنه  [ ص: 617 ] الاعتزال ، وسمع بهمذان  من أبي طاهر بن سلمة  ، وبأصبهان  عن أبي نعيم  ، وبحران  عن أبي القاسم الزيدي  ، وطائفة . 
روى عنه : أبو القاسم بن السمرقندي  ، وأبو غالب بن البناء  ، وهبة الله بن طاوس  ، ومحمود بن محمد الرحبي  ، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ  ، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي  ، وأبو سعد بن البغدادي  ، وآخرون . 
قال السمعاني   : كان أحد الفضلاء المقدمين ، جمع " التفسير " الكبير الذي لم ير في التفاسير أكبر منه ، ولا أجمع للفوائد ، لولا أنه مزجه بالاعتزال ، وبث فيه معتقده ، ولم يتبع نهج السلف . أقام بمصر  سنين ، وحصل أحمالا من الكتب ، وحملها إلى بغداد ، وكان داعية إلى الاعتزال . 
وقال  ابن عساكر   : سكن طرابلس  مدة . سمعت الحسين بن محمد البلخي  يقول : إن أبا يوسف  صنف " التفسير " في ثلاثمائة مجلد ونيف . وقال : من قرأه علي وهبت له النسخة . فلم يقرؤه أحد . 
وقال هبة الله بن طاوس   : دخلت عليه وقد زمن ، فقال : من أين أنت ؟ قلت : من دمشق   . قال : بلد النصب . 
قال  ابن عساكر   : قيل : سأله ابن البراج  شيخ الرافضة بطرابلس   :  [ ص: 618 ] ما تقول في الشيخين ؟ قال : سفلتان . قال : من تعني ؟ قال : أنا وأنت . 
ابن عقيل  في " فنونه " قال : قدم علينا من مصر  القاضي أبو يوسف القزويني  ، وكان يفتخر بالاعتزال ، ويتوسع في قدح العلماء ، وله جرأة ، وكان إذا قصد باب نظام الملك  يقول : استأذنوا لأبي يوسف المعتزلي   . وكان طويل اللسان بعلم تارة ، وبسفه تارة ، لم يكن محققا إلا في التفسير ، فإنه لهج بذلك حتى جمع كتابا بلغ خمسمائة مجلد ، فيه العجائب ، رأيت منه مجلدة في أية واحدة ، وهي : واتبعوا ما تتلو الشياطين  فذكر السحر والملوك الذين نفق عليهم السحر ، وتأثيراته وأنواعه . 
وقال محمد بن عبد الملك   : ملك من الكتب ما لم يملكه أحد ، قيل : ابتاعها من مصر  بالخبز وقت القحط . وحدثني عبد المحسن بن محمد  أنه ابتاعها بالأثمان الغالية . كان يبتاع من كتب السيرافي  ، وكانت أزيد من أربعين ألف مجلد ، فكان أبو يوسف  يشتري في كل أسبوع بمائة دينار ، ويقول : قد بعت رحلي وما في بيتي . وكان الرؤساء يصلونه ، وقيل : قدم بغداد  بعشرة أحمال كتب ، وأكثرها بخطوط منسوبة . وعنه قال : ملكت ستين تفسيرا . 
قال ابن عبد الملك   : وأهدى للنظام   " غريب الحديث "  لإبراهيم الحربي  في عشر مجلدات ، و " شعر الكميت " في ثلاث عشرة مجلدة ،  [ ص: 619 ] و " عهد " القاضي عبد الجبار  بخط الصاحب إسماعيل بن عباد  ، كل سطر في ورقة ، وله غلاف أبنوس في غلظ الأسطوانة ، وأهدى له مصحفا بخط منسوب بين سطوره القراءات بأحمر ، واللغة بأخضر ، والإعراب بأزرق ، وهو مذهب ، فأعطاه النظام  ثلاثمائة دينار ، وما أنصفه ، لكنه اعتذر ، وقال : ما عندي مال حلال سواها . 
قال المؤتمن   : تركته لما كان يتظاهر به . 
قال محمد بن عبد الملك   : وكان فصيحا ، حلو الإشارة ، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار ، زيدي المذهب ، فسر في سبعمائة مجلد كبار .
قيل : دخل  الغزالي  إليه ، وجلس بين يديه ، فقال : من أين أنت ؟ قال : من المدرسة ببغداد   . قال  الغزالي   : لو قلت : إني من طوس  لذكر تغفيل أهل طوس   من أنهم سألوا المأمون  ، وتوسلوا إليه بقبر أبيه عندهم ، وطلبوا أن يحول الكعبة إلى بلدهم . وأنه جاء عن بعضهم أنه سئل عن نجمه ، فقال : بالتيس ، فقيل له ، فقال : كان من سنتين بالجدي ، والساعة قد كبر . 
قال أبو علي بن سكرة   : أبو يوسف  كان معتزليا داعية يقول : لم يبق من ينصر هذا المذهب غيري ، وكان قد أسن ، وكاد أن يخفى في مجلسه ، وله لسان شاب . ذكر لي أن " تفسيره " ثلاثمائة مجلد ،  [ ص: 620 ] منها سبعة في سورة الفاتحة . وكان عنده جزء من حديث  أبي حاتم الرازي  ، عن الأنصاري  ، فقرأت عليه بعضه ، عن القاضي عبد الجبار  ، عن رجل عنه ، قرأته لولدي شيخنا ابن سوار المقرئ  ، وقرأت لهما جزءا من حديث المحاملي  ، وسمعه في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وهو ابن أربع سنين أو نحوها . وكان لا يسالم أحدا من السلف ، ويقول لنا : اخرجوا تدخل الملائكة . 
وقيل : ولد سنة 393 . 
وقال ابن ناصر   : مات في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة . 
				
						
						
