عطاء بن أبي سعد
بن عطاء ، الإمام المحدث الزاهد أبو محمد الثعلبي الهروي الفقاعي الصوفي ، تلميذ شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري .
مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمالين .
سمع من شيخه ، ومن أبي القاسم بن البسري ، وأبي نصر الزينبي ، [ ص: 55 ] وعدة ببغداد ، ومن فاطمة بنت الدقاق بنيسابور .
روى عنه بنوه الثلاثه ، وقد سمع من الثلاثة عن أبيهم ، وروى عنه أبو سعد السمعاني أبو القاسم بن عساكر ومحمود بن الفضل .
قال السمعاني : كان ممن يضرب به المثل في إرادة شيخ الإسلام والجد في خدمته ، وله حكايات ومقامات في خروج شيخه إلى بلخ في المحنة ، وجرى بينه وبين الوزير نظام الملك محاورة ومراددة ، واحتمل له النظام .
قال : وسمعت أن عطاء قدم للخشبة ليصلب ، فنجاه الله لحسن نيته ، فلما أطلق ، عاد إلى التظلم ، وما فتر ، وخرج مع النظام ماشيا إلى الروم ، فما ركب ، وكان يخوض الأنهار مع الخيل ، ويقول : شيخي في المحنة ، فلا أستريح ، قال لي ابنه محمد عنه قال : كنت أعدو في موكب النظام ، فوقع نعلي ، فما التفت ، ورميت الأخرى ، فأمسك النظام الدابة ، وقال : أين نعلاك ؟ فقلت : وقع أحدهما ، فخشيت أن تسبقني إن وقفت . قال : فلم رميت الأخرى ؟ فقلت : لأن شيخي أخبرنا فما أردت أن أخالف السنة . فأعجبه ، وقال : أكتب -إن شاء الله- حتى يرجع شيخك إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يمشي الرجل في نعل واحد هراة . وقال لي : اركب بعض الجنائب ، فأبيت ، وعرض علي مالا ، فأبيت .
[ ص: 56 ] قال لي ابنه : وقدم أبي بأصبهان ليصلب بعد أن حبسوه مدة ، فقال له الجلاد : صل ركعتين قال : ليس ذا وقت صلاة ، اشتغل بما أمرت به ، فإني سمعت شيخي يقول : إذا علقت الشعير على الدابة في أسفل العقبة ، لا توصلك في الحال إلى أعلاها ، الصلاة نافعة في الرخاء لا في حالة البأس . فوصل مسرع من السلطان ومعه الخاتم بتسريحه ، كانت الخاتون معنية في حقه ، فلما أطلق ، رجع إلى التظلم والتشنيع .
قال السمعاني : سمعت عبد الخالق بن زياد يقول : أمر بعض الأمراء أن يضرب عطاء الفقاعي في محنة الشهيد عبد الهادي ابن شيخ الإسلام مائة ، فبطح على وجهه ، فكان يضرب إلى أن ضرب ستين ، فشكوا كم ضرب خمسين أو ستين ؟ فقال عطاء : خذوا بالأقل احتياطا ، وحبس مع نساء ، وكان في الموضع أترسة ، فقام بجهد من الضرب ، وأقام الأترسة بينه وبينهن ، وقال : قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخلوة بالأجنبية محمد بن عطاء : توفي أبي تقديرا سنة خمس وثلاثين وخمس مائة .