ابن بنان 
المولى الفاضل الأثير ، ذو الرياستين أبو الفضل محمد بن محمد بن  [ ص: 221 ] أبي الطاهر محمد بن بنان الأنباري الأصل ، المصري الكاتب ، ولد القاضي الأجل أبي الفضل . 
ولد بالقاهرة  سنة سبع وخمسمائة . 
وسمع من أبي صادق مرشد المديني  ، ووالده ، وأبي البركات محمد بن حمزة العرقي  ، والقاضي محمد بن هبة الله بن عرس   . 
وتلا على أبي العباس بن الحطيئة   . 
حدث عنه : الشريف محمد بن عبد الرحمن الحسيني الحلبي  ، والرشيد أبو الحسين العطار  ، وجماعة سواهما . 
قال الدبيثي  قدم بغداد  رسولا من صاحب اليمن  سيف الإسلام  فحدث " بالسيرة " عن والده عن الحبال   . وحدث ب " صحاح " الجوهري  وكتبوا عنه من شعره . 
 [ ص: 222 ] وقال المنذري  سمع منه جماعة من رفقائنا ، وكتب الكثير ، وخطه في غاية الجودة . ولي ديوان النظر في الدولة المصرية ، وتقلب في الخدم ، وعاش تسعا وثمانين سنة . 
قال الموفق عبد اللطيف   : كان أسمر طوالا رقيقا ، له أدب وترسل ، وكان صاحب الديوان ، والقاضي الفاضل  ممن يغشى بابه ويمتدحه ، ويفخر بالوصول إليه ، فلما جاءت الدولة الصلاحية ، قال الفاضل   : هذا رجل كبير القدر ينبغي أن يجرى عليه ما يكفيه ، ويجلس في بيته ، ففعل ذلك ، ثم توجه إلى اليمن  ، ووزر بها ، وترسل إلى بغداد ، فعظم وبجل ، ولما صرت إلى مصر  ، وجدت ابن بنان  في ضنك ، وعليه دين ثقيل أدى أمره إلى أن حبسه الحاكم بالجامع ، وكان ينتقص بالقاضي الفاضل  ، ويراه بالعين الأولى فقصر الفاضل  في حقه ، وكان الدين لأعجمي ، فصعد إليه إلى سطح الجامع ، وسفه عليه ، وقبض على لحيته وضربه ، ففر وألقى نفسه من السطح ، فتهشم ، فحمل إلى داره ، ومات بعد أيام ، فسير الفاضل  لتجهيزه خمسة عشر دينارا مع ولده ، ثم إن الفاضل  مات بعد ثلاثة أيام فجاءة . 
مات ابن بنان  في ثالث ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة  [ ص: 223 ] 
وكان فيها القحط بمصر  والفناء ، وخرب الإقليم ، وجلا أهله ، وأكلوا الميتة والآدميين ، وهلكوا ; لأن النيل كسر من ثلاثة عشر ذراعا وأصابع ، وقيل : ما كمل الثلاثة عشر فلله الأمر . 
				
						
						
