ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون   
ومن قوم موسى  عطف على قوله واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا   [ ص: 142 ] الآية ، فهذا تخصيص لظاهر العموم الذي في قوله واتخذ قوم موسى  قصد به الاحتراس لئلا يتوهم أن ذلك قد عمله قوم موسى  كلهم ، وللتنبيه على دفع هذا التوهم قدم ومن قوم موسى  على متعلقه . 
وقوم موسى  هم أتباع دينه من قبل بعثة محمد    - صلى الله عليه وسلم - فمن بقي متمسكا بدين موسى  ، بعد بلوغ دعوة الإسلام إليه ، فليس من قوم موسى  ، ولكن يقال هو من بني إسرائيل  أو من اليهود  ، لأن الإضافة في قوم موسى  تؤذن بأنهم متبعو دينه الذي من جملة أصوله ترقب مجيء الرسول الأمي - صلى الله عليه وسلم - . 
و ( أمة ) : جماعة كثيرة متفقة في عمل يجمعها ، وقد تقدم ذلك عند قوله - تعالى - أمة واحدة  في سورة البقرة ، والمراد أن منهم في كل زمان قبل الإسلام . 
و يهدون بالحق  أي يهدون الناس من بني إسرائيل  أو من غيرهم ببث فضائل الدين الإلهي ، وهو الذي سماه الله بالحق و ( يعدلون ) أي يحكمون حكما لا جور فيه . 
وتقديم المجرور في قوله وبه يعدلون  للاهتمام به ولرعاية الفاصلة ، إذ لا مقتضي لإرادة القصر ، بقرينة قوله يهدون بالحق  حيث لم يقدم المجرور ، والمعنى : أنهم يحكمون بالعدل على بصيرة وعلم ، وليس بمجرد مصادفة الحق عن جهل ، فإن القاضي الجاهل إذا قضى بغير علم كان أحد القاضيين اللذين في النار ، ولو صادف الحق . لأنه بجهله قد استخف بحقوق الناس ولا تنفعه مصادفة الحق لأن تلك المصادفة لا عمل له فيها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					