والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم   
الجملة معطوفة على جملة كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون  ، أي نفصل الآيات التي منها آية حالة الدنيا وتقضيها ، وندعو إلى دار السلام دار الخلد . ولما كانت جملة  [ ص: 145 ] كذلك نفصل الآيات  تذييلا وكان شأن التذييل أن يكون كاملا جامعا مستقلا جعلت الجملة المعطوفة عليها مثلها في الاستقلال فعدل فيها عن الإضمار إلى الإظهار إذ وضع قوله : والله يدعو  موضع ندعو لأن الإضمار في الجملة يجعلها محتاجة إلى الجملة التي فيها المعاد . 
وحذف مفعول " يدعو " لقصد التعميم ، أي يدعو كل أحد . والدعوة هي : الطلب والتحريض . وهي هنا أوامر التكليف ونواهيه . 
ودار السلام : الجنة  ، قال - تعالى : لهم دار السلام عند ربهم  ، وقد تقدم وجه تسميتها بذلك في سورة الأنعام . 
والهداية : الدلالة على المقصود النافع ، والمراد بها هنا خلق الاهتداء إلى المقصود بقرينة قوله : من يشاء  بعد قوله : والله يدعو  المفيد التعميم فإن الدعوة إلى الجنة دلالة عليها فهي هداية بالمعنى الأصلي فتعين أن " يهدي " هنا معناه إيجاد الهداية بمعنى آخر ، وهي حصول الاهتداء بالفعل ، أي خلق حصوله بأمر التكوين ، كقوله : فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة  وهذا التكوين يقع إما في كل جزئية من جزئيات الاهتداء على طريقة الأشاعرة ،  وإما بخلق الاستعداد له بحيث يقدر على الاهتداء عند حصول الأدلة على طريقة المعتزلة  وهما متقاربان في الحال ، وشئون الغيب خفية . وقد تقدم شيء من ذلك عند قوله - تعالى : اهدنا الصراط المستقيم  
والصراط المستقيم : الطريق الموصل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					