وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد   أعيد فعل القول في عطف بعض كلام موسى    - عليه السلام - على بعض لئلا يتوهم أن هذا مما تأذن به الرب وإنما هو تنبيه على كلام الله ، وفي إعادة فعل القول اهتمام بهذه الجملة وتنويه بها حتى تبرز مستقلة وحتى يصغي إليها السامعون للقرآن . 
ووجه الاهتمام بها أن أكثر الكفار يحسبون أنهم يحسنون إلى الله بإيمانهم ، وأن أنبياءهم حين يلحون عليهم بالإيمان إنما يبتغون بذلك تعزيز جانبهم والحرص على مصلحتهم . فلما وعدهم على الشكر بالزيادة وأوعدهم على الكفر بالعقوبة خشي أن يحسبوا ذلك لانتقام المثيب بما أثاب عليه ، ولتضرره مما عاقب عليه ، فنبههم إلى هذا الخاطر الشيطاني حتى لا يسري إلى نفوسهم فيكسبهم إدلالا بالإيمان والشكر والإقلاع عن الكفر . 
و " أنتم " فصل بين المعطوف والمعطوف عليه إذ كان هذا المعطوف عليه ضميرا متصلا . 
 [ ص: 195 ] و " جميعا " تأكيد لمن في الأرض للتنصيص على العموم . وتقدم نظيره ، ونصبه غير بعيد ، . 
والغني : الذي لا حاجة له في شيء ، فدخل في عموم غناه أنه غني عن الذين يكفرون به . 
والحميد : المحمود ، والمعنى : أنه محمود من غيركم مستغن عن حمدكم ; على أنهم لو كفروا به لكانوا حامدين بلسان حالهم كرها ، فإن كل نعمة تنالهم فيحمدونها فإنما يحمدون الله تعالى ، كقوله تعالى ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها  ، وهذه الآية تضمنت ما في الفقرات 30 إلى 33 من الإصحاح 32 من سفر الخروج . 
				
						
						
