[ ص: 61 ] قال فما خطبكم أيها المرسلون   قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين  إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين  إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين  
حكاية هذا الحوار بين إبراهيم  والملائكة - عليهم السلام    - ; لأنه يجمع بين بيان فضل إبراهيم  عليه السلام وبين موعظة قريش بما حل ببعض الأمم المكذبين ، انتقل إبراهيم    - عليه السلام - إلى سؤالهم عن سبب نزولهم إلى الأرض ; لأنه يعلم أن الملائكة لا ينزلون إلا لأمر عظيم  كما قال تعالى ما ننزل الملائكة إلا بالحق ، وقد نزل الملائكة يوم بدر لاستئصال سادة المشركين ورؤسائهم . 
والخطب تقدم في قوله تعالى قال ما خطبكن في سورة يوسف . 
والقوم المجرمون هم قوم سدوم   وقراها ، وتقدم ذكرهم في سورة هود . 
والاستثناء في إلا آل لوط   منقطع ; لأنهم غير مجرمين ، واستثناء إلا امرأته متصل ; لأنها من آل لوط    . 
وجملة إنا لمنجوهم أجمعين استئناف بياني لبيان الإجمال الذي في استثناء آل لوط  من متعلق فعل أرسلنا لدفع احتمال أنهم لم يرسلوا إليهم ولا أمروا بإنجائهم . 
وفي قوله أرسلنا إلى قوم مجرمين إيجاز حذف وتقدير الكلام : إنا أرسلنا إلى لوط    ; لأجل قوم مجرمين ، أي لعذابهم ، ودل ذلك على الاستثناء في إلا آل لوط     . 
 [ ص: 62 ] وقرأ الجمهور لمنجوهم بفتح النون وتشديد الجيم ، مضارع نجى المضاعف ، وقرأ حمزة   والكسائي  وخلف بكسر النون وتخفيف الجيم ، مضارع أنجى المهموز . 
وإسناد التقدير إلى ضمير الملائكة ; لأنهم مزمعون على سببه ، وهو ما وكلوا به من تحذير لوط  عليه السلام وآله من الالتفات إلى العذاب ، وتركهم تحذير امرأته حتى التفتت فحل بها ما حل بقوم لوط    . 
وقرأ الجمهور قدرنا بتشديد الدال من التقدير ، وقرأه أبو بكر  عن عاصم  بتخفيف الدال من قدر المجرد وهما لغتان . 
وجملة إنها لمن الغابرين مستأنفة ، و ( إن ) معلقة لفعل قدرنا عن العمل في مفعوله ، وأصل الكلام غبورها ، أي ذهابها وهلاكها . 
والتعليق يطرأ على الأفعال كلها ، وإنما يكثر في أفعال القلوب ويقل في غيرها ، وليس من خصائصها على التحقيق . 
وتقدم ذكر الغابرين في سورة الأعراف . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					