ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون   
لام التعليل متعلقة بفعل ( يشركون ) الذي هو من جواب قوله تعالى إذا كشف الضر عنكم  ، والكفر هنا كفر النعمة ، ولذلك علق به قوله تعالى   [ ص: 179 ] بما آتيناهم  أي من النعم ، وكفر النعمة ليس هو الباعث على الإشراك فإن إشراكهم سابق على ذلك وقد استصحبوه عقب كشف الضر عنهم ، ولكن شبهت مقارنة عودهم إلى الشرك بعد كشف الضر عنهم بمقارنة العلة الباعثة على عمل لذلك العمل ، ووجه الشبه مبادرتهم لكفر النعمة دون تريث . 
فاستعير لهذه المقارنة لام التعليل ، وهي استعارة تبعية تمليحية تهكمية ، ومثلها كثير الوقوع في القرآن ، وقد سمى كثير من النحاة هذه اللام لام العاقبة ، ومثالها عندهم قوله تعالى فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا  ، وقد بيناها في مواضع ، آخرها عند قوله تعالى ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة  في هذه السورة . 
وضمير ( ليكفروا ) عائد إلى فريق باعتبار دلالته على جمع من الناس . 
والإيتاء : الإعطاء ، وهو مستعار للإنعام بالحالة النافعة ; لأن شأن الإعطاء أن يكون تمكينا بالمأخوذ المحبوب . 
وعبر بالموصول بما آتيناهم  لما تؤذن به الصلة من كونه نعمة ; تفظيعا لكفرانهم بها ; لأن كفران النعمة قبيح عند جميع العقلاء . 
وفرع عليه مخاطبتهم بأمرهم بالتمتع أمر إمهال ، وقلة اكتراث بهم ، وهو في معنى التخلية . 
والتمتع : الانتفاع بالمتاع ، والمتاع الشيء الذي ينتفع به انتفاعا محبوبا ويسر به ، ويقال : تمتع بكذا واستمتع ، وتقدم المتاع في آخر سورة براءة . 
والخطاب للفريق الذين يشركون بربهم على طريقة الالتفات ، والأظهر أنه مقول لقول محذوف ; لأنه جاء مفرعا على كلام خوطب به الناس كلهم كما تقدم ، فيكون المفرع من تمام ما تفرع عليه ، وذلك ينافي الالتفات الذي يقتضي أن يكون مرجع الضمير إلى مرجع ما قبله . 
والمعنى : فتقول تمتعوا بالنعم التي أنتم فيها إلى أمد . 
 [ ص: 180 ] وفرع عليه التهديد بأنهم سيعلمون عاقبة كفران النعمة بعد زوال التمتع ، وحذف مفعول ( تعلمون ) ; لظهوره من قوله تعالى ليكفروا بما آتيناهم  ، أي تعلمون جزاء كفركم . 
				
						
						
