وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة  أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا  
ولما عرض بالتهديد للمشركين في قوله إن عذاب ربك كان محذورا  ، وتحداهم بقوله قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم  جاء بصريح التهديد على مسمع منهم ، بأن كل قرية مثل قريتهم في الشرك لا يعدوها عذاب الاستئصال وهو يأتي على القرية وأهلها ، أو عذاب الانتقام بالسيف والذل والأسر والخوف والجوع ، وهو يأتي على أهل القرية مثل صرعى بدر  ، كل ذلك في الدنيا ، فالمراد : القرى الكافر أهلها ; لقوله تعالى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون  في سورة هود ، وقوله وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون  في سورة القصص . 
وحذف الصفة في مثل هذا معروف كقوله تعالى يأخذ كل سفينة غصبا  أي كل سفينة صالحة ، بقرينة قوله فأردت أن أعيبها    . 
وليس المقصود شمول ذلك القرى المؤمنة ، على معنى أن لا بد للقرى من زوال وفناء في سنة الله في هذا العالم ; لأن ذلك معارض لآيات أخرى ، ولأنه مناف لغرض تحذير المشركين من الاستمرار على الشرك . 
فلو سلمنا أن هذا الحكم لا تنفلت منه قرية من القرى بحكم سنة الله في مصير كل حادث إلى الفناء لما سلمنا أن في ذكر ذلك هنا فائدة . 
والتقييد بكونه قبل يوم القيامة  زيادة في الإنذار والوعيد ، كقوله ولعذاب الآخرة أشد وأبقى    . 
 [ ص: 142 ] و ( من ) مزيدة بعد ( إن ) النافية لتأكيد استغراق مدخولها باعتبار الصفة المقدرة ، أي جميع القرى الكافرة ; كيلا يحسب أهل مكة  عدم شمولهم . 
والكتاب : مستعار لعلم الله وسابق تقديره ، فتعريفه للعهد ، أو أريد به الكتب المنزلة على الأنبياء ، فتعريفه للجنس فيشمل القرآن وغيره . 
والمسطور : المكتوب ، يقال : سطر الكتاب إذا كتبه سطورا ، قال تعالى والقلم وما يسطرون    . 
				
						
						
