[ ص: 213 ] وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون     . ناسب ذكر الظلم أن ينتقل منه إلى وعيد الظالمين وهم المشركون الذين ظلموا المسلمين بالأذى والشتم بأقوالهم وأشعارهم . وجعلت هذه الآية في موقع التذييل فاقتضت العموم في مسمى الظلم الشامل للكفر وهو ظلم المرء نفسه وللمعاصي القاصرة على النفس كذلك ، وللاعتداء على حقوق الناس . وقد تلاها أبو بكر  في عهده إلى عمر  بالخلافة بعده ، والواو اعتراضية للاستئناف . 
وهذه الآية تحذير من غمص الحقوق وحث عن استقصاء الجهد في النصح للأمة وهي ناطقة بأهيب موعظة وأهول وعيد لمن تدبرها لما اشتملت عليه من حرف التنفيس المؤذن بالاقتراب ، ومن اسم الموصول المؤذن بأن سوء المنقلب يترقب الظالمين لأجل ظلمهم ، ومن الإبهام في قوله : ( أي منقلب ينقلبون    ) إذ ترك تبيينه بعقاب معين لتذهل نفوس الموعدين في كل مذهب ممكن من هول المنقلب وهو على الإجمال منقلب سوء . 
والمنقلب : مصدر ميمي من الانقلاب وهو المصير والمآل ; لأن الانقلاب هو الرجوع . وفعل العلم معلق عن العمل بوجود اسم الاستفهام بعده . واسم الاستفهام في موضع نصب بالنيابة عن المفعول المطلق الذي أضيف هو إليه . قال في الكشاف : وكان السلف الصالح يتواعظون بها ويتناذرون شدتها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					