وورث سليمان داود     . 
طوى خبر ملك داود  وبعض أحواله إلى وفاته ; لأن المقصود هو قصة سليمان  كما قدمناه آنفا . وقد كان داود  ملكا على بني إسرائيل  ودام ملكه أربعين سنة وتوفي وهو ابن سبعين سنة . 
فخلفه سليمان  فهو وارث ملكه القائم في مقامه في سياسة الأمة وظهور الحكمة ونبوءة بني إسرائيل  والسمعة العظيمة بينهم . فالإرث هنا مستعمل في معناه المجازي وهو تشبيه الأحوال الجليلة بالمال وتشبيه الخلفة بانتقال ملك الأموال لظهور أن ليس غرض الآية إفادة من انتقلت إليه أموال داود  بعد قوله : ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا  فتعين أن إرث المال غير مقصود فإنه غرض تافه . 
وقد كان لداود  أحد عشر ولدا فلا يختص إرث ماله بسليمان  وليس هو أكبرهم ، وكان داود  قد أقام سليمان  ملكا على إسرائيل . وبهذا يظهر أن ليس في الآية ما يحتج به أن يورث مال النبيء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ما تركنا صدقة ، وظاهره أنه أراد من الضمير جماعة الأنبياء وشاع على ألسنة العلماء : إنا أو نحن معاشر الأنبياء لا نورث  ، ولا يعرف بهذا اللفظ ووقع في كلام   [ ص: 236 ]  عمر بن الخطاب  مع العباس  وعلي  في شأن صدقة النبيء صلى الله عليه وسلم قال عمر    : أنشدكما الله هل تعلمان أن رسول الله قال : لا نورث ما تركنا صدقة ، يريد رسول الله نفسه . وكذلك قالت عائشة ،  فإذا أخذنا بظاهر الآية كان هذا حكما في شرع من قبلنا فينسخ بالإسلام ، وإذا أخذنا بالتأويل فظاهر . وقد أجمع الخلفاء الراشدون وغيرهم على ذلك ، خلافا للعباس  وعلي  ثم رجعا حين حاجهما عمر    . والعلة هي سد ذريعة خطور تمني موت النبيء في نفس بعض ورثته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					