قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون     . 
هذا من محاورتهم مع صالح  ، فلذلك لم يعطف فعلا القول وجاء على سنن حكاية أقوال المحاورات كما بيناه غير مرة . 
وأصل ( اطيرنا ) تطيرنا فقلبت التاء طاء لقرب مخرجيهما وسكنت لتخفيف   [ ص: 281 ] الإدغام وأدخلت همزة الوصل لابتداء الكلمة بساكن ، والباء للسببية . 
ومعنى التطير : التشاؤم . أطلق عليه التطير ; لأن أكثره ينشأ من الاستدلال بحركات الطير من سانح وبارح . وكان التطير من أوهام العرب وثمود  من العرب ، فقولهم المحكي في هذه الآية حكي به مماثلة من كلامهم ولا يريدون التطير الحاصل من زجر الطير ; لأنه يمنع من ذلك قولهم : ( بك وبمن معك ) في سورة الأعراف . وتقدم معنى الشؤم هنالك . 
وأجاب صالح  كلامهم بأنه ومن معه ليسوا سبب شؤم ولكن سبب شؤمهم وحلول المضار بهم هو قدرة الله . 
واستعير لما حل بهم اسم الطائر مشاكلة لقولهم : اطيرنا بك وبمن معك  ، ومخاطبة لهم بما يفهمون لإصلاح اعتقادهم ، بقرينة قولهم : ( اطيرنا بك ) . 
و ( عند ) للمكان المجازي مستعارا لتحقق شأن من شئون الله به يقدر الخير والشر وهو تصرف الله وقدره . وقد تقدم نظيره في الأعراف . 
وأضرب ب ( بل ) عن مضمون قولهم : اطيرنا بك وبمن معك  بأن لا شؤم بسببه هو وبسبب من معه ولكن الذين زعموا ذلك قوم فتنهم الشيطان فتنة متجددة بإلقاء الاعتقاد بصحة ذلك في قلوبهم . 
وصيغ الإخبار عنهم بأنهم مفتونون بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لتقوي الحكم بذلك . وصيغ المسند فعلا مضارعا لدلالته على تجدد الفتون واستمراره . 
وغلب جانب الخطاب في قوله ( تفتنون ) على جانب الغيبة مع أن كليهما مقتضى الظاهر ترجيحا لجانب الخطاب ; لأنه أدل من الغيبة . 
				
						
						
