واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق  وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون  الاستكبار : أشد من الكبر ، أي تكبر تكبرا شديدا إذ طمع في الوصول إلى الرب العظيم وصول الغالب أو القرين . 
وجنوده : أتباعه . فاستكباره هو الأصل واستكبار جنوده تبع لاستكباره ؛ لأنهم يتبعونه ويتلقون ما يمليه عليهم من العقائد . 
والأرض يجوز أن يراد بها المعهودة ، أي أرض مصر  ، وأن يراد بها الجنس ، أي في عالم الأرض ؛ لأنهم كانوا يومئذ أعظم أمم الأرض . 
وقوله بغير الحق  حالة لازمة لعاملها إذ لا يكون الاستكبار إلا بغير الحق . 
وقوله وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون  معلوم بالفحوى من كفرهم بالله ، وإنما صرح به لأهمية إبطاله فلا يكتفى فيه بدلالة مفهوم الفحوى ، ولأن في التصريح به تعريضا بالمشركين في أنهم وإياهم سواء فليضعوا أنفسهم في أي مقام من مقامات أهل الكفر ، وقد كان أبو جهل  يلقب عند المسلمين بفرعون هذه الأمة أخذا من تعريضات القرآن . 
ومعنى ذلك : ظنوا أن لا بعث ولا رجوع ؛ لأنهم كفروا بالمرجوع إليه . فذكر " إلينا " لحكاية الواقع وليس بقيد فلا يتوهم أنهم أنكروا البعث ولم ينكروا وجود الله مثل المشركين . وتقديم إلينا على عامله لأجل الفاصلة . 
ويجوز أن يكون المعنى : وظنوا أنهم في منعة من أن يرجعوا في قبضة قدرتنا كما   [ ص: 125 ] دل عليه قوله في سورة الشعراء قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين  قال لمن حوله ألا تستمعون  استعجابا من ذلك . وعلى هذا الاحتمال فالتعريض بالمشركين باق على حاله فإنهم ظنوا أنهم في منعة من الاستئصال فقالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء . 
قرأ نافع وحمزة   والكسائي    ( لا يرجعون ) بفتح ياء المضارعة من رجع . وقرأه الباقون بضمها من ( أرجع ) إذا فعل به الرجوع . 
				
						
						
