فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله  وما كان من المنتصرين  
دلت الفاء على تعقيب ساعة خروجه قارون في ازدهائه ، وما جرى فيها من تمني قوم أن يكونوا مثله ، وما أنكر عليهم علماؤهم من غفلة عن التنافس في ثواب الآخرة بتعجيل عقابه في الدنيا بمرأى من الذين تمنوا أن يكونوا مثله . 
والخسف : انقلاب بعض ظاهر الأرض إلى باطنها وعكسه . يقال : خسفت الأرض وخسف الله الأرض فانخسفت ، فهو يستعمل قاصرا ومتعديا ، وإنما يكون الخسف بقوة الزلزال . وأما قولهم : خسفت الشمس ، فذلك على التشبيه . والباء في قوله : " فخسفنا به " باء المصاحبة ، أي خسفنا الأرض مصاحبة له ولداره ، فهو وداره مخسوفان مع الأرض التي هو فيها ، وتقدم قوله تعالى : أن يخسف الله بهم الأرض  في سورة النحل . 
وهذا الخسف خارق للعادة ؛ لأنه لم يتناول غير قارون ومن ظاهره وهما رجلان من سبط " روبين " وغير دار قارون ، فهو معجزة لموسى  عليه السلام . 
 [ ص: 186 ] جاء في الإصحاح السادس عشر من سفر العدد أن " قورح " - وهو قارون    - ومن معه لما آذوا موسى  كما تقدم ، وذكرهم موسى  بأن الله أعطاهم مزية خدمة خيمته ، ولكنه أعطى الكهانة بني هارون  ولم تجد فيهم الموعظة - غضب موسى  عليهم ودعا عليهم ، ثم أمر الناس بأن يبتعدوا من حوالي دار قورح - قارون - وخيام جماعته . وقال موسى    : إن مات هؤلاء كموت عامة الناس فاعلموا أن الله لم يرسلني إليكم ، وإن ابتدع الله بدعة ففتحت الأرض فاها وابتلعتهم وكل مالهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية - تعلمون أن هؤلاء قد ازدروا بالرب . فلما فرغ موسى  من كلامه انشقت الأرض التي هم عليها وابتلعتهم وبيوتهم وكل ما كان لقورح مع كل أمواله ، وخرجت نار من الأرض أهلكت المائتين والخمسين رجلا ، وقد كان قارون معتزا على موسى  بالطائفة التي كانت شايعته على موسى  وهم كثير من رؤساء جماعة اللاويين  وغيرهم ؛ فلذلك قال الله تعالى : فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله  ، إذ كان قد أعدهم للنصر على موسى  رسول الله ، فخسف بهم معه وهو يراهم ، وما كان من المنتصرين  كما كان يحسب . يقال : انتصر فلان ، إذا حصل له النصر ، أي فما نصره أنصاره ولا حصل له النصر بنفسه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					