لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد   
مقول قول محذوف دل على تعينه من الخطاب ، أي يقال هذا الكلام لكل نفس من نفوس المشركين فهو خطاب التهكم التوبيخي للنفس الكافرة لأن المؤمن لم يكن في غفلة عن الحشر والجزاء . 
 [ ص: 309 ] وجملة القول ومقوله في موضع الحال من كل نفس أو موقع الصفة ، وعلامات الخطاب في كلمات : " كنت " ، و " عنك " ، و " غطاءك " ، و " بصرك " مفتوحة لتأويل النفس بالشخص أو بالإنسان ثم غلب فيه التذكير على التأنيث . وهذا الكلام صادر من جانب الله تعالى وهو شروع في ذكر الحساب . 
والغفلة : الذهول عما شأنه أن يعلم وأطلقت هنا على الإنكار والجحد على سبيل التهكم ، ورشح ذلك قوله فكشفنا عنك غطاءك  بمعنى : بينا لك الدليل بالحس فهو أيضا تهكم . 
وأوثر قوله " في غفلة " على أن يقال : غافلا للدلالة على تمكن الغفلة منه ولذلك استتبع تمثيلها بالغطاء . 
وكشف الغطاء تمثيل لحصول اليقين بالشيء بعد إنكار وقوعه ، أي كشفنا عنك الغطاء الذي كان يحجب عنك وقوع هذا اليوم بما فيه ، وأسند الكشف إلى الله تعالى لأنه الذي أظهر لها أسباب حصول اليقين بشواهد عين اليقين . 
وأضيف ( غطاء ) إلى ضمير الإنسان المخاطب للدلالة على اختصاصه به وأنه مما يعرف به . 
وحدة البصر : قوة نفاذه في المرئي ، وحدة كل شيء قوة مفعوله ، ومنه حدة الذهن ، والكلام يتضمن تشبيه حصول اليقين برؤية المرئي ببصر قوي ، وتقييده بقوله " اليوم " تعريض بالتوبيخ ، أي ليس حالك اليوم كحالك قبل اليوم إذ كنت في الدنيا منكرا للبعث . 
والمعنى : فقد شاهدت البعث والحشر والجزاء ، فإنهم كانوا ينكرون ذلك كله ، قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون وقالوا وما نحن بمعذبين  فقد رأى العذاب ببصره . 
				
						
						
