ومصدقا لما بين يدي من التوراة  ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم    . 
عطف على " بآية " بناء على أن قوله " بآية " ظرف مستقر في موضع الحال كما تقدم . أو عطف على جملة " جئتكم " فيقدر فعل " جئتكم " بعد واو العطف ، ومصدقا حال من ضمير المقدر معه ، وليس عطفا على قوله " ورسولا " لأن " رسولا " من كلام الملائكة ، ومصدقا من كلام عيسى  بدليل قوله لما بين يدي . 
 [ ص: 253 ] والمصدق : المخبر بصدق غيره ، وأدخلت اللام على المفعول للتقوية ، للدلالة على تصديق مثبت محقق ، أي مصدقا تصديقا لا يشوبه شك ولا نسبة إلى خطأ . وجعل التصديق متعديا إلى التوراة توطئة لقوله : ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم    . 
ومعنى ما بين يدي ما تقدم قبلي ، لأن المتقدم السابق يمشي بين يدي الجائي فهو هنا تمثيل لحالة السبق ، وإن كان بينه وبين نزول التوراة أزمنة طويلة ، لأنها لما اتصل العمل بها إلى مجيئه ، فكأنها لم تسبقه بزمن طويل . ويستعمل بين يدي كذا في معنى المشاهد الحاضر ، كما تقدم في قوله تعالى : يعلم ما بين أيديهم في سورة البقرة . 
وعطف قوله " ولأحل " على " رسولا " وما بعده من الأحوال : لأن الحال تشبه العلة ; إذ هي قيد لعاملها ، فإذا كان التقييد على معنى التعليل شابه المفعول لأجله ، وشابه المجرور بلام التعليل ، فصح أن يعطف عليها مجرور بلام التعليل . ويجوز أن يكون عطفا على قوله بآية من ربكم فيتعلق بفعل " جئتكم " . وعقب به قوله : مصدقا لما بين يدي ، تنبيها على أن النسخ لا ينافي التصديق ; لأن النسخ إعلام بتغير الحكم . وانحصرت شريعة عيسى  في إحياء أحكام التوراة وما تركوه فيها وهو في هذا كغيره من أنبياء بني إسرائيل ،  وفي تحليل بعض ما حرمه الله عليهم رعيا لحالهم في أزمنة مختلفة ، وبهذا كان رسولا . قيل أحل لهم الشحوم ، ولحوم الإبل ، وبعض السمك ، وبعض الطير الذي كان محرما من قبل ، وأحل لهم السبت ، ولم أقف على شيء من ذلك في الإنجيل . وظاهر هذا أنه لم يحرم عليهم ما حلل لهم ، فما قيل : إنه حرم عليهم الطلاق فهو تقول عليه ، وإنما حذرهم منه وبين لهم سوء عواقبه ، وحرم تزوج المرأة المطلقة ، وينضم إلى ذلك ما لا تخلو عنه دعوة : من تذكير ، ومواعظ ، وترغيبات . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					