أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات  فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون  نزلت هذه الآية عقب التي قبلها : والمشهور عند جمع من سلف المفسرين أنها نزلت بعد عشرة أيام من التي قبلها . وذلك أن بعض المسلمين القادرين على تقديم الصدقة قبل النجوى شق عليهم ذلك فأمسكوا عن مناجاة النبيء - صلى الله عليه وسلم - فأسقط الله وجوب هذه الصدقة ، وقد قيل لم يعمل بهذه الآية غير  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه . ولعل غيره لم يحتج إلى مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واقتصد مما كان يناجيه لأدنى موجب . 
فالخطاب لطائفة من المؤمنين قادرين على تقديم الصدقة قبل المناجاة وشق عليهم ذلك أو ثقل عليهم . 
والإشفاق توقع حصول ما لا يبتغيه ومفعول أأشفقتم  هو أن تقدموا أي من أن تقدموا ، أي أأشفقتم عاقبة ذلك وهو الفقر . 
قال المفسرون على أن هذه الآية ناسخة للتي قبلها فسقط وجوب تقديم الصدقة لمن يريد مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وروي ذلك عن  ابن عباس  واستبعده ابن عطية    . 
والاستفهام مستعمل في اللوم على تجهم تلك الصدقة مع ما فيها من فوائد لنفع الفقراء . 
 [ ص: 47 ] ثم تجاوز الله عنهم رحمة بهم بقوله تعالى فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة  الآية . وقد علم من الاستفهام التوبيخي أي بعضا لم يفعل ذلك . 
و ( إذ ) ظرفية مفيدة للتعليل ، أي فحين لم تفعلوا فأقيموا الصلاة . 
وفاء فإذ لم تفعلوا  لتفريع ما بعدها على الاستفهام التوبيخي . 
وجملة وتاب الله عليكم  معترضة ، والواو اعتراضية . وما تتعلق به إذ محذوف دل عليه قوله وتاب الله عليكم  تقديره : خففنا عنكم وأعفيناكم من أن تقدموا صدقة قبل مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - . وفاء فأقيموا الصلاة عاطفة على الكلام المقدر وحافظوا على التكاليف الأخرى وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله . أي فذلك لا تسامح فيه قيل لهم ذلك لئلا يحسبوا أنهم كلما ثقل عليهم فعل ما كلفوا به يعفون منه . 
وإذ قد كانت الزكاة المفروضة سابقة على الأمر بصدقة النجوى على الأصح كان فعل " آتوا " مستعملا في طلب الدوام مثل فعل فأقيموا . 
واعلم أنه يكثر وقوع الفاء بعد إذ ومتعلقها كقوله تعالى وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم  في سورة الأحقاف . وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف  في سورة الكهف . 
وجملة والله خبير بما تعملون  تذييل لجملة فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة  وهو كناية عن التحذير من التفريط في طاعة الله ورسوله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					