ولقد رآه بالأفق المبين   
عطف على جملة وما صاحبكم بمجنون    . 
والمناسبة بين الجملتين أن المشركين كانوا إذا بلغهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخبر أنه نزل عليه جبريل  بالوحي من وقت غار حراء فما بعده استهزؤوا وقالوا : إن ذلك الذي يتراءى له هو جني ، فكذبهم الله بنفي الجنون عنه ، ثم بتحقيق أنه إنما رأى جبريل  القوي الأمين . فضمير الرفع عائد إلى صاحب من قوله : وما صاحبكم وضمير النصب عائد إلى رسول كريم وسياق الكرم يبين معاد الرائي والمرئي . 
و الأفق : الفضاء الذي يبدو للعين من الكرة الهوائية بين طرفي مطلع الشمس ومغربها من حيث يلوح ضوء الفجر ويبدو شفق الغروب وهو يلوح كأنه قبة زرقاء ، والمعنى رآه ما بين السماء والأرض . 
و المبين : وصف الأفق ، أي : للأفق الواضح البين . 
والمقصود من هذا الوصف نعت الأفق الذي تراءى منه جبريل  للنبيء - عليهما الصلاة والسلام - بأنه أفق واضح بين لا تشتبه فيه المرئيات ولا يتخيل فيه الخيال ،   [ ص: 160 ] وجعلت تلك الصفة علامة على أن المرئي ملك وليس بخيال ; لأن الأخيلة التي يتخيلها المجانين إنما يتخيلونها على الأرض تابعة لهم على ما تعودوه من وقت الصحة ، وقد وصف النبيء - عليه الصلاة والسلام - الملك الذي رآه عند نزول سورة المدثر بأنه على كرسي جالس بين السماء والأرض ، ولهذا تكرر ذكر ظهور الملك بالأفق في سورة النجم في قوله تعالى : علمه شديد القوى  ذو مرة فاستوى  وهو بالأفق الأعلى  ثم دنا فتدلى  فكان قاب قوسين أو أدنى  إلى أن قال : أفتمارونه على ما يرى  ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى  عندها جنة المأوى  الآيات ، قيل : رأى النبيء جبريل    - عليهما السلام - بمكة  من جهة جبل أجياد  من شرقيه . 
				
						
						
