[ ص: 139 ] وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور .
وليبتلي الله ما في صدوركم عطف على قوله لكيلا تحزنوا على ما فاتكم وما بينهما جمل بعضها عطف على الجملة المعللة ، وبعضها معترضة ، فهو خطاب للمؤمنين لا محالة ، وهو علة ثانية لقوله فأثابكم غما بغم .
و ( الصدور ) هنا بمعنى الضمائر ، والابتلاء : الاختبار ، وهو هنا كناية عن أثره ، وهو إظهار للناس والحجة على أصحاب تلك الضمائر بقرينة قوله والله عليم بذات الصدور كما تقدم في قوله تعالى وليعلم الله الذين آمنوا .
والتمحيص تخليص الشيء مما يخالطه مما فيه عيب له فهو كالتزكية . والقلوب هنا بمعنى العقائد ، ومعنى تمحيص ما في قلوبهم تطهيرها مما يخامرها من الريب حين بينهم . سماع شبه المنافقين التي يبثونها
وأطلق " الصدور " على الضمائر لأن الصدر في كلام العرب يطلق على الإحساس الباطني ، وفي الحديث وأطلق القلب على الاعتقاد لأن الإثم ما حاك في صدرك . وعدي إلى الصدور فعل الابتلاء لأنه اختبار الأخلاق والضمائر : ما فيها من خير وشر ، وليتميز ما في النفس . وعدي إلى القلوب فعل التمحيص لأن الظنون والعقائد محتاجة إلى التمحيص لتكون مصدر كل خير . القلب في لسان العرب هو ما به يحصل التفكر والاعتقاد