فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبئاء بغير حق  وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا    . 
التفريع على قوله ( وأخذنا منهم ميثاقا غليظا    ) والباء للسبيبة جارة لـ ( نقضهم ) ، و ( ما ) مزيدة بعد الباء لتوكيد التسبب ، وحرف ( ما ) المزيد بعد الباء لا يكف الباء عن عمل الجر ، وكذلك إذا زيد ( ما ) بعد ( من ) وبعد ( عن ) 
وأما إذا زيد بعد كاف الجر وبعد رب فإنه يكف الحرف عن عمل الجر . 
ومتعلق قوله ( بما نقضهم ) : يجوز أن يكون محذوفا ، لتذهب نفس السامع في مذاهب الهول ، وتقديره : فعلنا بهم ما فعلنا . ويجوز أن يتعلق بـ ( حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم    ) ، وما بينهما مستطردات ، ويكون قوله فبظلم من الذين هادوا  كالفذلكة الجامعة لجرائمهم المعدودة من قبل . ولا يصلح تعليق المجرور بـ ( طبع ) لأنه وقع ردا على قولهم : قلوبنا غلف  ، وهو من جملة المعطوفات الطالبة للتعلق ، لكن يجوز أن يكون ( طبع ) دليلا على الجواب المحذوف . 
وتقدم تفسير هذه الأحداث المذكورة هنا في مواضعها . 
وقدم المتعلق لإفادة الحصر : وهو أن ليس التحريم إلا لأجل ما صنعوه ، فالمعنى : ما حرمنا عليهم طيبات إلا بسبب نقضهم ، وأكد معنى الحصر والتسبب بما الزائدة ، فأفادت الجملة حصرا وتأكيدا . 
وقوله بل طبع الله عليها بكفرهم  اعتراض بين المعاطيف . والطبع : إحكام الغلق بجعل طين ونحوه على سد المغلوق بحيث لا ينفذ إليه مستخرج   [ ص: 18 ] ما فيه إلا بعد إزالة ذلك الشيء المطبوع به ، وقد يسمون على ذلك الغلق بسمة تترك رسما في ذلك المجعول ، وتسمى الآلة الواسمة طابعا بفتح الباء فهو يرادف الختم . ومعنى بكفرهم بسببه ، فالكفر المتزايد يزيد تعاصي القلوب عن تلقي الإرشاد  ، وأريد بقوله ( بكفرهم ) كفرهم المذكور في قوله وكفرهم بآيات الله    . 
والاستثناء في قوله إلا قليلا من عموم المفعول المطلق : أي لا يؤمنون إيمانا إلا إيمانا قليلا ، وهو من تأكيد الشيء بما يشبه ضده إذ الإيمان لا يقبل القلة والكثرة ، فالقليل من الإيمان عدم ، فهو كفر . وتقدم في قوله ( فقليلا ما يؤمنون    ) . ويجوز أن تكون قلة الإيمان كناية عن قلة أصحابه مثل  عبد الله بن سلام    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					