والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها  أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون  
أعقب الإنذار والوعيد للمكذبين ، بالبشارة والوعد للمؤمنين المصدقين على عادة القرآن في تعقيب أحد الغرضين بالآخر . 
وعطف على : الذين كذبوا بآياتنا  أي : وإن الذين آمنوا وعملوا الصالحات . . . . إلخ ، لأن بين مضمون الجملتين مناسبة متوسطة بين كمال الاتصال   [ ص: 130 ] وكمال الانقطاع ، وهو التضاد بين وصف المسند إليهما في الجملتين ، وهو التكذيب بالآيات والإيمان بها ، وبين حكم المسندين وهو العذاب والنعيم ، وهذا من قبيل الجامع الوهمي المذكور في أحكام الفصل والوصل من علم المعاني . 
ولم يذكر متعلق لـ : ( آمنوا ) لأن الإيمان صار كاللقب للإيمان الخاص الذي جاء به دين الإسلام وهو الإيمان بالله وحده . 
واسم الإشارة مبتدأ ثان ، و ( أصحاب الجنة    ) خبره والجملة خبر عن ( الذين آمنوا ) . وجملة ( لا نكلف نفسا إلا وسعها    ) معترضة بين المسند إليه والمسند على طريقة الإدماج . وفائدة هذا الإدماج الارتفاق بالمؤمنين ، لأنه لما بشرهم بالجنة على فعل الصالحات أطمن قلوبهم بأن لا يطلبوا من الأعمال الصالحة بما يخرج عن الطاقة ، حتى إذا لم يبلغوا إليه أيسوا من الجنة ، بل إنما يطلبون منها بما في وسعهم ، فإن ذلك يرضي ربهم . 
وعن  معاذ بن جبل    - رضي الله عنه - ، أنه قال ، في هذه الآية : إلا يسرها لا عسرها أي قاله على وجه التفسير لا أنه قراءة . 
والوسع تقدم في قوله تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها  في سورة البقرة . 
ودل قوله : أولئك أصحاب الجنة على قصر ملازمة الجنة عليهم ، دون غيرهم ، ففيه تأييس آخر للمشركين بحيث قويت نصية حرمانهم من الجنة ونعيمها ، وجملة : ( هم فيها خالدون    ) حال من اسم الإشارة في قوله : أولئك أصحاب الجنة    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					