فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون   اعتراض حكي به كلام يعلن به ، من جانب الله تعالى ، يسمعه الفريقان . وتغيير أسلوب الكلام هو القرينة على اختلاف المتكلم ، وهذا الأليق بما رجحناه من جعل قوله الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا  إلى آخره حكاية لكلام أصحاب الجنة . 
والفاء للتفريع على قول أصحاب الجنة : إن الله حرمهما على الكافرين  الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا  الآية . وهذا العطف بالفاء من قبيل ما يسمى بعطف التلقين الممثل له غالبا بمعطوف بالواو فهو عطف كلام متكلم على كلام متكلم آخر ، وتقدير الكلام : قال الله فاليوم ننساهم ، فحذف فعل القول ، وهذا تصديق لأصحاب الجنة ، ومن جعلوا قوله الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا  كلاما مستأنفا من قبل الله تعالى تكون الفاء عندهم تفريعا في كلام واحد . 
والنسيان في الموضعين مستعمل مجازا في الإهمال والترك لأنه من لوازم النسيان ، فإنهم لم يكونوا في الدنيا ناسين لقاء يوم القيامة . فقد كانوا يذكرونه ويتحدثون عنه حديث من لا يصدق بوقوعه . 
وتعليق الظرف بفعل : ننساهم لإظهار أن حرمانهم من الرحمة كان من أشد أوقات احتياجهم إليها ، فكان لذكر اليوم أثر في إثارة تحسرهم وندامتهم ، وذلك عذاب نفساني . 
 [ ص: 151 ] ودل معنى كاف التشبيه في قوله كما نسوا  على أن حرمانهم من رحمة الله كان مماثلا لإهمالهم التصديق باللقاء ، وهي مماثلة جزاء العمل للعمل ، وهي مماثلة اعتبارية ، فلذلك يقال : إن الكاف في مثله للتعليل ، كما في قوله تعالى واذكروه كما هداكم  وإنما التعليل معنى يتولد من استعمال الكاف في التشبيه الاعتباري ، وليس هذا التشبيه بمجاز ، ولكنه حقيقة خفية لخفاء وجه الشبه . 
وقوله كما نسوا  ظرف مستقر في موضع الصفة لموصوف محذوف دل عليه ننساهم أي نسيانا كما نسوا . 
و ما في : كما نسوا  وفي وما كانوا  مصدرية أي كنسيانهم اللقاء وكجحدهم بآيات الله . ومعنى جحد الآيات تقدم عند قوله تعالى ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون  في سورة الأنعام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					