(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ) .
[ ص: 8 ] ( قضى ) يتعدى بنفسه إلى مفعول ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فلما قضى موسى الأجل ) ولما ضمن هنا معنى الإيحاء أو الإنفاذ تعدى بإلى أي : وأوحينا أو أنفذنا إلى بني إسرائيل في القضاء المحتوم المبتوت . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس معناه أعلمناهم ، وعنه أيضا قضينا عليهم ، وعنه أيضا كتبنا . واللام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4لتفسدن ) جواب قسم ، فإما أن يقدر محذوفا ، ويكون متعلق القضاء محذوفا تقديره وقضينا إلى بني إسرائيل بفسادهم في الأرض وعلوهم ، ثم أقسم على وقوع ذلك وأنه كائن لا محالة ، فحذف متعلق ( قضينا ) وأبقي منصوب القسم المحذوف . ويجوز أن يكون ( قضينا ) أجري مجرى القسم ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4لتفسدن ) جوابه ، كقولهم قضاء الله لأقومن . وقرأ
أبو العالية nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير في الكتب على الجمع ، والجمهور على الإفراد فاحتمل أن يريد به الجنس ، والظاهر أن يراد التوراة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ونصر بن علي nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد لتفسدن - بضم التاء وفتح السين - مبنيا للمفعول أي : يفسدكم غيركم . فقيل : من الإضلال ، وقيل : من الغلبة . وقرأ
عيسى لتفسدن بفتح التاء وضم السين
[ ص: 9 ] أي : فسدتم بأنفسكم بارتكاب المعاصي مرتين ، أولاهما : قتل
زكرياء - عليه السلام - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أشياخه ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وذلك أنه لما مات صديقة ملكهم تنافسوا على الملك ، وقتل بعضهم بعضا ولا يسمعون من
زكريا . فقال الله له : قم في قومك أوح على لسانك ، فلما فرغ مما أوحى الله إليه عدوا عليه ليقتلوه فهرب ، فانفلقت له شجرة فدخل فيها ، وأدركه الشيطان فأخذ هدبة من ثوبه فأراهم إياها فوضعوا المنشار في وسطها حتى قطعوه في وسطها . وقيل : سبب قتل
زكريا أنهم اتهموه
بمريم ، قيل : قالوا حين حملت
مريم : ضيع بنت سيدنا حتى زنت ، فقطعوه بالمنشار في الشجرة ، وقيل :
أشعياء قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، وإن كان
زكرياء مات موتا ولم يقتل ، وإن الذي دخل الشجرة وقطع نصفين بالمنشار في وسطها هو
أشعياء ، وكان قبل
زكرياء وحبس
أرمياء حين أنذرهم سخط الله والآخرة - قبل
يحيى بن زكرياء - وقصد قتل
عيسى ابن مريم أعلم الله بني إسرائيل في التوراة أنه سيقع منهم عصيان وكفر لنعم الله تعالى في الرسل وفي الكتب وغير ذلك ، وأنه سيرسل عليهم أمة تغلبهم وتقتلهم وتذلهم ، ثم يرحمهم بعد ذلك ، ويجعل لهم الكرة ويردهم إلى حالهم الأولى من الظهور ، فتقع منهم المعاصي وكفر النعم والظلم والقتل والكفر بالله من بعضهم ، فيبعث الله عليهم أمة أخرى تخرب ديارهم وتقتلهم وتجليهم جلاء مبرحا ، ودل الوجود بعد ذلك على هذا الأمر كله ، قيل : وكان بين آخر الأولى والثانية مائتا سنة وعشر سنين ملكا مؤيدا ثابتا ، وقيل : سبعون سنة . وقال
الكلبي : لتعصن في الأرض المقدسة ولتعلن أي : تطغون وتعظمون .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي " عليا كبيرا " في الموضعين بكسر اللام والياء المشددة . وقراءة الجمهور ( علوا ) والصحيح في فعول المصدر أكثر ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21وعتوا عتوا كبيرا ) بخلاف الجمع ، فإن الإعلال فيه هو المقيس ، وشذ التصحيح نحو نهو ونهو ، خلافا للفراء إذ جعل ذلك قياسا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فإذا جاء وعد أولاهما ) أي : موعد أولاهما ; لأن الوعد قد سبق ذلك والموعود هو العقاب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : معناه : وعد عقاب أولاهما . وقيل : الوعد بمعنى الوعيد ، وقيل : بمعنى الموعد الذي يراد به الوقت ، والضمير في أولاهما عائد على المرتين .
وقرأ الجمهور ( عبادا ) وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي " عبيدا " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : غزاهم ،
وقتادة :
جالوت من أهل الجزيرة . وقال
ابن جبير وابن إسحاق : غزاهم
سنجاريب وجنوده ملك بابل . وقيل :
بختنصر ، وروي أنه دخل قبل في جيش من الفرس ، وهو خامل يسير في مطبخ الملك ، فاطلع من جور
بني إسرائيل على ما لم يعلمه الفرس ; لأنه كان يداخلهم ، فلما انصرف الجيش ذكر ذلك للملك الأعظم ، فلما كان بعد مدة جعله الملك رئيس جيش ، وبعثه وخرب بيت المقدس وقتلهم وجلاهم ، ثم انصرف فوجد الملك قد مات فملك موضعه ، واستمرت حاله حتى ملك الأرض بعد ذلك . وقيل : هم العمالقة وكانوا كفارا ، وقيل : كان المبعوثون قوما مؤمنين بعثهم الله وأمرهم بغزو
بني إسرائيل ، والبعث هنا الإرسال والتسليط . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوه ، ولم نمنعهم على أن الله - عز وعلا - أسند بعث الكفرة إلى نفسه فهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) وكقول الداعي : وخالف بين كلمتهم ، وأسند الجوس ، وهو التردد خلال الديار بالفساد إليهم ، فتخريب المسجد وإحراق التوراة من جملة الجوس المسند إليهم . انتهى . وفي قوله : خلينا بينهم وبين ما فعلوا دسيسة الاعتزال .
وقال
ابن عطية : ( بعثنا ) يحتمل أن يكون الله أرسل إلى ملك تلك الأمة رسولا يأمره بغزو
بني إسرائيل فتكون البعثة بأمر ، ويحتمل أن يكون عبر بالبعث عما ألقى في نفس الملك أي : غزاهم . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5أولي بأس شديد ) أي : قتال وحرب شديد لقوتهم ونجدتهم ، وكثرة عددهم وعددهم . وقرأ الجمهور
[ ص: 10 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فجاسوا ) بالجيم . وقرأ
أبو السمال وطلحة " فحاسوا " بالحاء المهملة . وقرئ ( فتجوسوا ) على وزن تكسروا بالجيم . وقرأ
الحسن (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5خلال الديار ) واحدا ، ويجمع على خلل كجبل وجبال ، ويجوز أن يكون خلال مفردا كالخلل وهو وسط الديار وما بينها ، والجمهور على أنه في هذه البعثة الأولى خرب
بيت المقدس ، ووقع القتل فيهم والجلاء والأسر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد : أنه حين غزوا جاس الغازون خلال الديار ، ولم يكن قتل ولا قتال في
بني إسرائيل ، وانصرفت عنهم الجيوش . والضمير في ( وكان ) عائد على وعد أولاهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وكان وعد العقاب وعدا لا بد أن يفعل . انتهى . وقيل : يعود على الجيوش (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثم رددنا لكم الكرة عليهم ) هذا إخبار من الله
لبني إسرائيل في التوراة ، وجعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6رددنا ) موضع نرد ، إذ وقت إخبارهم لم يقع الأمر بعد ، لكنه لما كان وعد الله في غاية الثقة أنه يقع عبر عن مستقبله بالماضي ، والكرة : الدولة والغلبة على الذين بعثوا عليهم ، حتى تابوا ورجعوا عن الفساد ملكوا
بيت المقدس قبل الكرة قبل
بختنصر ، واستبقاء
بني إسرائيل أسراهم وأموالهم ورجوع الملك إليهم ، وذكر في سبب ذلك أن ملكا غزا أهل بابل ، وكان
بختنصر قد قتل من
بني إسرائيل أربعين ألفا ممن يقرأ التوراة وأبقى بقيته عندهم
ببابل في الذل ، فلما غزاهم ذلك الملك ، وغلب على بابل تزوج امرأة من
بني إسرائيل ، فطلبت منه أن يرد
بني إسرائيل إلى
بيت المقدس ففعل ، وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء فرجعوا إلى أحسن ما كانوا . وقيل : الكرة : تقوية
طالوت حتى حارب
جالوت ، ونصر
داود على قتل
جالوت . وقال
قتادة : كانوا أكثر شرا في زمان
داود عليه السلام . وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6نفيرا ) على التمييز . فقيل : النفير والنافر واحد ، وأصله من ينفر مع الرجل من عشيرته وأهل بيته قاله
أبو مسلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : يجوز أن يكون جمع نفر ككلب وكليب وعبد وعبيد ، وهم المجتمعون للمصير إلى الأعداء . وقيل : النفير مصدر أي : أكثر خروجا إلى الغزو كما في قول الشاعر :
فأكرم بقحطان من والد وحمير أكرم بقوم نفيرا
ويروى بالحميريين أكرم نفيرا ، والمفضل عليه محذوف قدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وأكثر نفيرا مما كنتم وقدره غيره ، وأكثر نفيرا من الأعداء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إن أحسنتم ) أي : أطعتم الله كان ثواب الطاعة لأنفسكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وإن أسأتم ) بمعصيته كان عقاب الإساءة لأنفسكم ، لا يتعدى الإحسان والإساءة إلى غيركم ، وجواب وإن أسأتم قوله : ( فلها ) على حذف مبتدأ محذوف ، ولها خبره تقديره فالإساءة لها . قال
الكرماني : جاء فلها باللام ازدواجا . انتهى . يعني أنه قابل قوله لأنفسكم بقوله فلها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : اللام بمعنى إلى أي : فإليها ترجع الإساءة . وقيل : اللام بمعنى على أي : فعليها كما في قوله :
فخر صريعا لليدين وللفم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7فإذا جاء وعد الآخرة ) أي : المرة الآخرة في إفسادكم وعلوكم ، وجواب إذا محذوف يدل عليه جواب إذا الأولى ، تقديره بعثناهم عليكم ، وإفسادهم في ذلك بقتل
يحيى بن زكريا - عليهما السلام . وسبب قتله فيما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره : أن ملكا أراد أن يتزوج من لا يجوز له نكاحها ، فنهاه
يحيى بن زكريا ، وكان لتلك المرأة حاجة كل يوم عند الملك تقضيها ، فألقت أمها إليها أن تسأله عن ذبح
يحيى بن زكريا بسبب ما كان منعه من تزوج ابنتها فسألته ذلك ، فدافعها فألحت عليه فدعا بطست فذبحه فندرت قطرة على الأرض ، فلم تزل تغلي حتى بعث الله عليهم
بختنصر وألقي في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ، فقتل عليه منهم سبعين ألفا . وقال
السهيلي : لا يصح أن يكون المبعوث في المرة الآخرة
بختنصر ; لأن قتل
يحيى بعد رفع
عيسى ،
وبختنصر كان قبل
عيسى بزمن طويل . وقيل : المبعوث عليهم
الإسكندر وبين
الإسكندر وعيسى نحو ثلاثمائة سنة ، ولكنه إن أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا
أشعياء فكان
بختنصر [ ص: 11 ] إذ ذاك حيا فهو الذي قتلهم وخرب
بيت المقدس واتبعهم إلى
مصر ، وأخرجهم منها . وروي عن
عبد الله بن الزبير أن الذي غزاهم آخرا ملك اسمه
خردوس ، وتولى قتلهم على دم
يحيى بن زكرياء قائد له فسكن الدم . وقيل : قتله ملك من ملوك
بني إسرائيل يقال له
لاحب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس : كان
يحيى قد أعطي حسنا وجمالا فراودته امرأة الملك عن نفسه فأبى ، فقالت لابنتها : سلي أباك رأس
يحيى فأعطاها ما سألت .
وقرأ الجمهور ( ليسوءوا ) بلام كي وياء الغيبة وضمير الجمع الغائب العائد على المبعوثين . وقرأ
ابن عامر وحمزة وأبو بكر " ليسوء " بالياء وهمزة مفتوحة على الإفراد ، والفاعل المضمر عائد على الله تعالى ، أو على الوعد ، أو على البعث الدال عليه جملة الجزاء المحذوفة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " لنسوء " بالنون التي للعظمة ، وفيها ضمير يعود على الله . وقرأ
أبي " لنسوءن " بلام الأمر والنون التي للعظمة ونون التوكيد الخفيفة آخرا . وعن
علي أيضا " لنسوءن وليسوءن " بالنون والياء ونون التوكيد الشديدة ، وهي لام القسم ، ودخلت لام الأمر في قراءة
أبي على المتكلم كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12ولنحمل خطاياكم ) وجواب إذا هو الجملة الأمرية على تقدير الفاء . وفي مصحف
أبي " ليسيء " بياء مضمومة بغير واو . وفي مصحف
أنس " ليسوء " وجهكم على الإفراد ، والظاهر أنه أريد بالوجوه الحقيقة ; لأن آثار الأعراض النفسانية في القلب تظهر على الوجه ، ففي الفرح يظهر الإسفار والإشراق ، وفي الحزن يظهر الكلوح والغبرة ، ويحتمل أن يعبر عن الجملة بالوجه ، فإنهم ساءوهم بالقتل والنهب والسبي ، فحصلت الإساءة للذوات كلها أو عن ساداتهم وكبرائهم بالوجوه ، ومنه قولهم في الخطاب يا وجه العرب .
واللام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وليدخلوا ) لام كي معطوفا على ما قبلها من لام كي ، ومن قرأ بلام الأمر أو بلام القسم جاز أن يكون وليدخلوا وما بعدها أمرا ، وجاز أن تكون لام كي أي : وبعثناهم ليدخلوا . والمسجد مسجد
بيت المقدس ، ومعنى كما دخلوه أول مرة أي : بالسيف والقهر والغلبة والإذلال ، وهذا يبعد قول من ذهب إلى أن أولى المرتين لم يكن فيها قتل ولا قتال ولا نهب ، وتقدم الكلام في أول مرة في سورة التوبة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وليتبروا ) يهلكوا . وقال
قطرب : يهدموا . قال الشاعر :
فما الناس إلا عاملان فعامل يتبر ما يبني وآخر رافع
والظاهر أن ( ما ) مفعولة بـ يتبروا أي : يهلكوا ما غلبوا عليه من الأقطار ، ويحتمل أن تكون ما ظرفية أي : مدة استيلائهم عسى ربكم أن يرحمكم بعد المرة الثانية إن تبتم وانزجرتم عن المعاصي ، وهذه الترجئة ليست لرجوع دولة ، وإنما هي من باب ترحم المطيع منهم ، وكان من الطاعة أن يتبعوا
عيسى ومحمدا - عليهما السلام - فلم يفعلوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8وإن عدتم ) إلى المعصية مرة ثالثة عدنا إلى العقوبة ، وقد عادوا فأعاد الله عليهم النقمة بتسليط الأكاسرة وضرب الإتاوة عليهم . وعن
الحسن عادوا فبعث الله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون . وعن
قتادة : ثم كان آخر ذلك أن بعث الله عليهم هذا الحي من العرب فهم منه في عذاب إلى يوم القيامة . انتهى . ومعنى ( عدنا ) أي : في الدنيا إلى العقوبة . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=167وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) ثم ذكر ما أعد لهم في الآخرة ، وهو جعل جهنم لهم ( حصيرا ) والحصير السجن . قال
لبيد :
ومقامه غلب الرجال كأنهم جن لدى باب الحصير قيام
وقال
الحسن : يعني فراشا ، وعنه أيضا هو مأخوذ من الحصر ، والذي يظهر أنها حاصرة لهم محيطة بهم من جميع جهاتهم ، فحصير معناه ذات حصر إذ لو كان للمبالغة لزمته التاء لجريانه على مؤنث ، كما تقول : رحيمة وعليمة ، ولكنه على معنى النسب كقوله السماء منفطر به أي : ذات انفطار .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) .
[ ص: 8 ] ( قَضَى ) يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إِلَى مَفْعُولٍ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ ) وَلَمَّا ضُمِّنَ هُنَا مَعْنَى الْإِيحَاءِ أَوِ الْإِنْفَاذِ تَعَدَّى بِإِلَى أَيْ : وَأَوْحَيْنَا أَوْ أَنْفَذْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْقَضَاءِ الْمَحْتُومِ الْمَبْتُوتِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ أَعْلَمْنَاهُمْ ، وَعَنْهُ أَيْضًا قَضَيْنَا عَلَيْهِمْ ، وَعَنْهُ أَيْضًا كَتَبْنَا . وَاللَّامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4لَتُفْسِدُنَّ ) جَوَابُ قَسَمٍ ، فَإِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ مَحْذُوفًا ، وَيَكُونُ مُتَعَلَّقُ الْقَضَاءِ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِفَسَادِهِمْ فِي الْأَرْضِ وَعُلُوِّهِمْ ، ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ ، فَحُذِفَ مُتَعَلَّقُ ( قَضَيْنَا ) وَأُبْقِيَ مَنْصُوبُ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( قَضَيْنَا ) أُجْرِيَ مَجْرَى الْقَسَمِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4لَتُفْسِدُنَّ ) جَوَابُهُ ، كَقَوْلِهِمْ قَضَاءُ اللَّهِ لَأَقُومَنَّ . وَقَرَأَ
أَبُو الْعَالِيَةِ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ فِي الْكُتُبِ عَلَى الْجَمْعِ ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْإِفْرَادِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْجِنْسَ ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ التَّوْرَاةُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لَتُفْسَدُنَّ - بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ - مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ : يُفْسِدُكُمْ غَيْرُكُمْ . فَقِيلَ : مِنَ الْإِضْلَالِ ، وَقِيلَ : مِنَ الْغَلَبَةِ . وَقَرَأَ
عِيسَى لَتَفْسُدُنَّ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ
[ ص: 9 ] أَيْ : فَسَدْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ بِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي مَرَّتَيْنِ ، أُولَاهُمَا : قَتْلُ
زَكَرِيَّاءَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ صِدِّيقَةُ مَلِكُهُمْ تَنَافَسُوا عَلَى الْمُلْكِ ، وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَا يَسْمَعُونَ مِنْ
زَكَرِيَّا . فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : قُمْ فِي قَوْمِكَ أُوحِ عَلَى لِسَانِكَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ عَدَوْا عَلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ فَهَرَبَ ، فَانْفَلَقَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فَدَخَلَ فِيهَا ، وَأَدْرَكَهُ الشَّيْطَانُ فَأَخَذَ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهِ فَأَرَاهُمْ إِيَّاهَا فَوَضَعُوا الْمِنْشَارَ فِي وَسَطِهَا حَتَّى قَطَعُوهُ فِي وَسَطِهَا . وَقِيلَ : سَبَبُ قَتْلِ
زَكَرِيَّا أَنَّهُمُ اتَّهَمُوهُ
بِمَرْيَمَ ، قِيلَ : قَالُوا حِينَ حَمَلَتْ
مَرْيَمُ : ضَيَّعَ بِنْتَ سَيِّدِنَا حَتَّى زَنَتْ ، فَقَطَعُوهُ بِالْمِنْشَارِ فِي الشَّجَرَةِ ، وَقِيلَ :
أَشْعِيَاءُ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ ، وَإِنْ كَانَ
زَكَرِيَّاءُ مَاتَ مَوْتًا وَلَمْ يُقْتَلْ ، وَإِنَّ الَّذِي دَخَلَ الشَّجَرَةَ وَقُطِعَ نِصْفَيْنِ بِالْمِنْشَارِ فِي وَسَطِهَا هُوَ
أَشْعِيَاءُ ، وَكَانَ قَبْلَ
زَكَرِيَّاءَ وَحُبِسَ
أَرْمِيَاءُ حِينَ أَنْذَرَهُمْ سَخَطَ اللَّهِ وَالْآخِرَةَ - قَبْلَ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ - وَقَصْدَ قَتْلِ
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَعْلَمَ اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ سَيَقَعُ مِنْهُمْ عِصْيَانٌ وَكُفْرٌ لِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الرُّسُلِ وَفِي الْكُتُبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ سَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ أُمَّةً تَغْلِبُهُمْ وَتَقْتُلُهُمْ وَتُذِلُّهُمْ ، ثُمَّ يَرْحَمُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَيَجْعَلُ لَهُمُ الْكَرَّةَ وَيَرُدُّهُمْ إِلَى حَالِهِمُ الْأُولَى مِنَ الظُّهُورِ ، فَتَقَعُ مِنْهُمُ الْمَعَاصِي وَكُفْرُ النِّعَمِ وَالظُّلْمُ وَالْقَتْلُ وَالْكُفْرُ بِاللَّهِ مِنْ بَعْضِهِمْ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أُمَّةً أُخْرَى تُخَرِّبُ دِيَارَهُمْ وَتَقْتُلُهُمْ وَتُجْلِيهِمْ جَلَاءً مُبَرِّحًا ، وَدَلَّ الْوُجُودُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ كُلِّهِ ، قِيلَ : وَكَانَ بَيْنَ آخِرِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِائَتَا سَنَةٍ وَعَشْرُ سِنِينَ مُلْكًا مُؤَيَّدًا ثَابِتًا ، وَقِيلَ : سَبْعُونَ سَنَةً . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : لَتَعْصُنَّ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَلَتَعْلُنَّ أَيْ : تَطْغَوْنَ وَتَعْظُمُونَ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ " عُلِيًّا كَبِيرًا " فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ . وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ ( عُلُوًّا ) وَالصَّحِيحُ فِي فُعُولٍ الْمَصْدَرُ أَكْثَرُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ) بِخِلَافِ الْجَمْعِ ، فَإِنَّ الْإِعْلَالَ فِيهِ هُوَ الْمَقِيسُ ، وَشَذَّ التَّصْحِيحُ نَحْوُ نَهُوَ وَنُهُوٌّ ، خِلَافًا لِلفَرَّاءِ إِذْ جَعَلَ ذَلِكَ قِيَاسًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا ) أَيْ : مَوْعِدُ أُولَاهُمَا ; لِأَنَّ الْوَعْدَ قَدْ سَبَقَ ذَلِكَ وَالْمَوْعُودُ هُوَ الْعِقَابُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَعْنَاهُ : وَعْدُ عِقَابِ أُولَاهُمَا . وَقِيلَ : الْوَعْدُ بِمَعْنَى الْوَعِيدِ ، وَقِيلَ : بِمَعْنَى الْمَوْعِدِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ ، وَالضَّمِيرُ فِي أُولَاهُمَا عَائِدٌ عَلَى الْمَرَّتَيْنِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( عِبَادًا ) وَقَرَأَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ " عَبِيدًا " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : غَزَاهُمْ ،
وَقَتَادَةُ :
جَالُوتُ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ : غَزَاهُمْ
سَنْجَارِيبُ وَجُنُودُهُ مَلِكُ بَابِلَ . وَقِيلَ :
بُخْتُنَصَّرْ ، وَرُوِيَ أَنَّهُ دَخَلَ قَبْلُ فِي جَيْشٍ مِنَ الْفُرْسِ ، وَهُوَ خَامِلٌ يَسِيرُ فِي مَطْبَخِ الْمَلِكِ ، فَاطَّلَعَ مِنْ جَوْرِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْفُرْسُ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُدَاخِلُهُمْ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ الْجَيْشُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلْمَلِكِ الْأَعْظَمِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ جَعَلَهُ الْمَلِكُ رَئِيسَ جَيْشٍ ، وَبَعَثَهُ وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَقَتَلَهُمْ وَجَلَّاهُمْ ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَجَدَ الْمَلِكَ قَدْ مَاتَ فَمَلَكَ مَوْضِعَهُ ، وَاسْتَمَرَّتْ حَالُهُ حَتَّى مَلَكَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَقِيلَ : هُمُ الْعَمَالِقَةُ وَكَانُوا كُفَّارًا ، وَقِيلَ : كَانَ الْمَبْعُوثُونَ قَوْمًا مُؤْمِنِينَ بَعَثَهُمُ اللَّهُ وَأَمَرَهُمْ بِغَزْوِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَالْبَعْثُ هُنَا الْإِرْسَالُ وَالتَّسْلِيطُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَعْنَاهُ خَلَّيْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا فَعَلُوهُ ، وَلَمْ نَمْنَعْهُمْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَعَلَا - أَسْنَدَ بَعْثَ الْكَفَرَةِ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) وَكَقَوْلِ الدَّاعِي : وَخَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ ، وَأَسْنَدَ الْجَوْسَ ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ خِلَالَ الدِّيَارِ بِالْفَسَادِ إِلَيْهِمْ ، فَتَخْرِيبُ الْمَسْجِدِ وَإِحْرَاقُ التَّوْرَاةِ مِنْ جُمْلَةِ الْجَوْسِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِمُ . انْتَهَى . وَفِي قَوْلِهِ : خَلَّيْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا فَعَلُوا دَسِيسَةُ الِاعْتِزَالِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ( بَعَثْنَا ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مَلِكِ تِلْكَ الْأُمَّةِ رَسُولًا يَأْمُرُهُ بِغَزْو
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَكُونُ الْبَعْثَةُ بِأَمْرٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبَّرَ بِالْبَعْثِ عَمَّا أَلْقَى فِي نَفْسِ الْمَلِكِ أَيْ : غَزَاهُمُ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) أَيْ : قِتَالٍ وَحَرْبٍ شَدِيدٍ لِقُوَّتِهِمْ وَنَجْدَتِهِمْ ، وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَعُدَدِهِمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
[ ص: 10 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فَجَاسُوا ) بِالْجِيمِ . وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ وَطَلْحَةُ " فَحَاسُوا " بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ . وَقُرِئَ ( فَتَجَوَّسُوا ) عَلَى وَزْنِ تَكَسَّرُوا بِالْجِيمِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5خِلَالَ الدِّيَارِ ) وَاحِدًا ، وَيُجْمَعُ عَلَى خَلَلٍ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِلَالَ مُفْرَدًا كَالْخَلَلِ وَهُوَ وَسَطُ الدِّيَارِ وَمَا بَيْنَهَا ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْبِعْثَةِ الْأُولَى خَرَّبَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَوَقَعَ الْقَتْلُ فِيهِمْ وَالْجَلَاءُ وَالْأَسْرُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ : أَنَّهُ حِينَ غُزُوا جَاسَ الْغَازُونَ خِلَالَ الدِّيَارِ ، وَلَمْ يَكُنْ قَتْلٌ وَلَا قِتَالٌ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَانْصَرَفَتْ عَنْهُمُ الْجُيُوشُ . وَالضَّمِيرُ فِي ( وَكَانَ ) عَائِدٌ عَلَى وَعْدِ أُولَاهُمَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَكَانَ وَعْدُ الْعِقَابِ وَعْدًا لَا بُدَّ أَنْ يُفْعَلَ . انْتَهَى . وَقِيلَ : يَعُودُ عَلَى الْجُيُوشِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) هَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ ، وَجَعَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6رَدَدْنَا ) مَوْضِعَ نَرُدُّ ، إِذْ وَقَتَ إِخْبَارِهِمْ لَمْ يَقَعِ الْأَمْرُ بَعْدُ ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ وَعْدُ اللَّهِ فِي غَايَةِ الثِّقَةِ أَنَّهُ يَقَعُ عَبَّرَ عَنْ مُسْتَقْبَلِهِ بِالْمَاضِي ، وَالْكَرَّةُ : الدَّوْلَةُ وَالْغَلَبَةُ عَلَى الَّذِينَ بُعِثُوا عَلَيْهِمْ ، حَتَّى تَابُوا وَرَجَعُوا عَنِ الْفَسَادِ مَلَكُوا
بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْكَرَّةِ قَبْلَ
بُخْتَنَصَّرْ ، وَاسْتِبْقَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَسْرَاهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَرُجُوعِ الْمُلْكِ إِلَيْهِمْ ، وَذُكِرَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ أَنَّ مَلِكًا غَزَا أَهْلَ بَابِلَ ، وَكَانَ
بُخْتَنَصَّرْ قَدْ قَتَلَ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِمَّنْ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَأَبْقَى بَقِيَّتَهُ عِنْدَهُمْ
بِبَابِلَ فِي الذُّلِّ ، فَلَمَّا غَزَاهُمْ ذَلِكَ الْمَلِكُ ، وَغَلَبَ عَلَى بَابِلَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفَعَلَ ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَامَتْ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ فَرَجَعُوا إِلَى أَحْسَنِ مَا كَانُوا . وَقِيلَ : الْكَرَّةُ : تَقْوِيَةُ
طَالُوتَ حَتَّى حَارَبَ
جَالُوتَ ، وَنَصْرُ
دَاوُدَ عَلَى قَتْلِ
جَالُوتَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : كَانُوا أَكْثَرَ شَرًّا فِي زَمَانِ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6نَفِيرًا ) عَلَى التَّمْيِيزِ . فَقِيلَ : النَّفِيرُ وَالنَّافِرُ وَاحِدٌ ، وَأَصْلُهُ مِنْ يَنْفِرُ مَعَ الرَّجُلِ مِنْ عَشِيرَتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ قَالَهُ
أَبُو مُسْلِمٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ نَفْرٍ كَكَلْبٍ وَكَلِيبٍ وَعَبْدٍ وَعَبِيدٍ ، وَهُمُ الْمُجْتَمِعُونَ لِلْمَصِيرِ إِلَى الْأَعْدَاءِ . وَقِيلَ : النَّفِيرُ مَصْدَرٌ أَيْ : أَكْثَرَ خُرُوجًا إِلَى الْغَزْوِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
فَأَكْرِمْ بِقَحْطَانَ مِنْ وَالِدٍ وَحِمْيَرُ أَكْرِمْ بِقَوْمٍ نَفِيرًا
وَيُرْوَى بِالْحِمْيَرِيِّينَ أَكْرِمْ نَفِيرًا ، وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ قَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَأَكْثَرُ نَفِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُ ، وَأَكْثَرُ نَفِيرًا مِنَ الْأَعْدَاءِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إِنْ أَحْسَنْتُمْ ) أَيْ : أَطَعْتُمُ اللَّهَ كَانَ ثَوَابُ الطَّاعَةِ لِأَنْفُسِكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وَإِنْ أَسَأْتُمْ ) بِمَعْصِيَتِهِ كَانَ عِقَابُ الْإِسَاءَةِ لِأَنْفُسِكُمْ ، لَا يَتَعَدَّى الْإِحْسَانُ وَالْإِسَاءَةُ إِلَى غَيْرِكُمْ ، وَجَوَابُ وَإِنْ أَسَأْتُمْ قَوْلُهُ : ( فَلَهَا ) عَلَى حَذْفِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَلَهَا خَبَرُهُ تَقْدِيرُهُ فَالْإِسَاءَةُ لَهَا . قَالَ
الْكَرْمَانِيُّ : جَاءَ فَلَهَا بِاللَّامِ ازْدِوَاجًا . انْتَهَى . يَعْنِي أَنَّهُ قَابَلَ قَوْلَهُ لِأَنْفُسِكُمْ بِقَوْلِهِ فَلَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى أَيْ : فَإِلَيْهَا تَرْجِعُ الْإِسَاءَةُ . وَقِيلَ : اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ : فَعَلَيْهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ :
فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) أَيِ : الْمَرَّةُ الْآخِرَةِ فِي إِفْسَادِكُمْ وَعُلُوِّكُمْ ، وَجَوَابُ إِذَا مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ جَوَابُ إِذَا الْأُولَى ، تَقْدِيرُهُ بَعَثْنَاهُمْ عَلَيْكُمْ ، وَإِفْسَادُهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَتْلِ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . وَسَبَبُ قَتْلِهِ فِيمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ : أَنَّ مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا ، فَنَهَاهُ
يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ، وَكَانَ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ حَاجَةٌ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ الْمَلِكِ تَقْضِيهَا ، فَأَلْقَتْ أُمُّهَا إِلَيْهَا أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ ذَبْحِ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِسَبَبِ مَا كَانَ مَنْعُهُ مِنْ تَزَوُّجِ ابْنَتِهَا فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ ، فَدَافَعَهَا فَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ فَدَعَا بِطَسْتٍ فَذَبَحَهُ فَنَدَرَتْ قَطْرَةٌ عَلَى الْأَرْضِ ، فَلَمْ تَزَلْ تَغْلِي حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
بُخْتَنَصَّرْ وَأُلْقِيَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَقْتُلَ عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ مِنْهُمْ حَتَّى يَسْكُنَ ، فَقَتَلَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ سَبْعِينَ أَلْفًا . وَقَالَ
السُّهَيْلِيُّ : لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَبْعُوثُ فِي الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ
بُخْتَنَصَّرْ ; لِأَنَّ قَتْلَ
يَحْيَى بَعْدَ رَفْعِ
عِيسَى ،
وَبُخْتَنَصَّرْ كَانَ قَبْلَ
عِيسَى بِزَمَنٍ طَوِيلٍ . وَقِيلَ : الْمَبْعُوثُ عَلَيْهِمُ
الْإِسْكَنْدَرُ وَبَيْنَ
الْإِسْكَنْدَرِ وَعِيسَى نَحْوُ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ ، وَلَكِنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالْمَرَّةِ الْأُخْرَى حِينَ قَتَلُوا
أَشْعِيَاءَ فَكَانَ
بُخْتَنَصَّرْ [ ص: 11 ] إِذْ ذَاكَ حَيًّا فَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُمْ وَخَرَّبَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَاتَّبَعَهُمْ إِلَى
مِصْرَ ، وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا . وَرُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ الَّذِي غَزَاهُمْ آخِرًا مَلِكٌ اسْمُهُ
خَرْدُوسُ ، وَتَوَلَّى قَتْلَهُمْ عَلَى دَمِ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ قَائِدٌ لَهُ فَسَكَنَ الدَّمُ . وَقِيلَ : قَتَلَهُ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ
لَاحِبُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : كَانَ
يَحْيَى قَدْ أُعْطِيَ حُسْنًا وَجَمَالًا فَرَاوَدَتْهُ امْرَأَةُ الْمَلِكِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَبَى ، فَقَالَتْ لِابْنَتِهَا : سَلِي أَبَاكِ رَأْسَ
يَحْيَى فَأَعْطَاهَا مَا سَأَلَتْ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( لِيَسُوءُوا ) بِلَامِ كَيْ وَيَاءِ الْغَيْبَةِ وَضَمِيرِ الْجَمْعِ الْغَائِبِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَبْعُوثِينَ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ " لِيَسُوءَ " بِالْيَاءِ وَهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ عَلَى الْإِفْرَادِ ، وَالْفَاعِلُ الْمُضْمَرُ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ عَلَى الْوَعْدِ ، أَوْ عَلَى الْبَعْثِ الدَّالِّ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الْجَزَاءِ الْمَحْذُوفَةِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ " لِنَسُوءَ " بِالنُّونِ الَّتِي لِلْعَظَمَةِ ، وَفِيهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ " لِنَسُوءُنَّ " بِلَامِ الْأَمْرِ وَالنُّونِ الَّتِي لِلْعَظَمَةِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ آخِرًا . وَعَنْ
عَلِيٍّ أَيْضًا " لَنَسُوءُنَّ وَلَيَسُوءُنَّ " بِالنُّونِ وَالْيَاءِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةِ ، وَهِيَ لَامُ الْقَسَمِ ، وَدَخَلَتْ لَامُ الْأَمْرِ فِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ) وَجَوَابُ إِذَا هُوَ الْجُمْلَةُ الْأَمْرِيَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَاءِ . وَفِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ " لِيُسِيءَ " بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ بِغَيْرِ وَاوٍ . وَفِي مُصْحَفِ
أَنَسٍ " لِيَسُوءَ " وَجْهَكُمْ عَلَى الْإِفْرَادِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْوُجُوهِ الْحَقِيقَةُ ; لِأَنَّ آثَارَ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ فِي الْقَلْبِ تَظْهَرُ عَلَى الْوَجْهِ ، فَفِي الْفَرَحِ يَظْهَرُ الْإِسْفَارُ وَالْإِشْرَاقُ ، وَفِي الْحُزْنِ يَظْهَرُ الْكُلُوحُ وَالْغَبَرَةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنِ الْجُمْلَةِ بِالْوَجْهِ ، فَإِنَّهُمْ سَاءُوهُمْ بِالْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالسَّبْيِ ، فَحَصَلَتِ الْإِسَاءَةُ لِلذَّوَاتِ كُلِّهَا أَوْ عَنْ سَادَاتِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ بِالْوُجُوهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْخِطَابِ يَا وَجْهَ الْعَرَبِ .
وَاللَّامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وَلِيَدْخُلُوا ) لَامُ كَيْ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ لَامَ كَيْ ، وَمَنْ قَرَأَ بِلَامِ الْأَمْرِ أَوْ بِلَامِ الْقَسَمِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَلِيَدْخُلُوا وَمَا بَعْدَهَا أَمْرًا ، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ لَامُ كَيْ أَيْ : وَبَعَثْنَاهُمْ لِيَدْخُلُوا . وَالْمَسْجِدُ مَسْجِدُ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَمَعْنَى كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ : بِالسَّيْفِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْإِذْلَالِ ، وَهَذَا يُبْعِدُ قَوْلَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ أُولَى الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَتْلٌ وَلَا قِتَالٌ وَلَا نَهْبٌ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وَلِيُتَبِّرُوا ) يُهْلِكُوا . وَقَالَ
قُطْرُبٌ : يَهْدِمُوا . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَمَا النَّاسُ إِلَّا عَامِلَانِ فَعَامِلٌ يُتَبِّرُ مَا يَبْنِي وَآخَرُ رَافِعُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( مَا ) مَفْعُولَةٌ بِـ يُتَبِّرُوا أَيْ : يُهْلِكُوا مَا غَلَبُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَقْطَارِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا ظَرْفِيَّةٌ أَيْ : مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِمْ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بَعْدَ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إِنْ تُبْتُمْ وَانْزَجَرْتُمْ عَنِ الْمَعَاصِي ، وَهَذِهِ التَّرْجِئَةُ لَيْسَتْ لِرُجُوعِ دَوْلَةٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ تَرَحُّمِ الْمُطِيعِ مِنْهُمْ ، وَكَانَ مِنَ الطَّاعَةِ أَنْ يَتَّبِعُوا
عِيسَى وَمُحَمَّدًا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فَلَمْ يَفْعَلُوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8وَإِنْ عُدْتُمْ ) إِلَى الْمَعْصِيَةِ مَرَّةً ثَالِثَةً عُدْنَا إِلَى الْعُقُوبَةِ ، وَقَدْ عَادُوا فَأَعَادَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النِّقْمَةَ بِتَسْلِيطِ الْأَكَاسِرَةِ وَضَرْبِ الْإِتَاوَةِ عَلَيْهِمْ . وَعَنِ
الْحَسَنِ عَادُوا فَبَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ يُعْطُونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ . وَعَنْ
قَتَادَةَ : ثُمَّ كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْعَرَبِ فَهُمْ مِنْهُ فِي عَذَابٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . انْتَهَى . وَمَعْنَى ( عُدْنَا ) أَيْ : فِي الدُّنْيَا إِلَى الْعُقُوبَةِ . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=167وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ) ثُمَّ ذَكَرَ مَا أَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَهُوَ جَعْلُ جَهَنَّمَ لَهُمْ ( حَصِيرًا ) وَالْحَصِيرُ السِّجْنُ . قَالَ
لَبِيدٌ :
وَمَقَامُهُ غَلَبَ الرِّجَالَ كَأَنَّهُمْ جِنٌّ لَدَى بَابِ الْحَصِيرِ قِيَامُ
وَقَالَ
الْحَسَنُ : يَعْنِي فِرَاشًا ، وَعَنْهُ أَيْضًا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَصْرِ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا حَاصِرَةٌ لَهُمْ مُحِيطَةٌ بِهِمْ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِمْ ، فَحَصِيرٌ مَعْنَاهُ ذَاتُ حَصْرٍ إِذْ لَوْ كَانَ لِلْمُبَالَغَةِ لَزِمَتْهُ التَّاءُ لِجَرَيَانِهِ عَلَى مُؤَنَّثٍ ، كَمَا تَقُولُ : رَحِيمَةٌ وَعَلِيمَةٌ ، وَلَكِنَّهُ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ كَقَوْلِهِ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ أَيْ : ذَاتُ انْفِطَارٍ .