و ( جعلنا ) بمعنى صيرنا ، والمفعول الأول ( جهنم ) والثاني له ; لأنه ينعقد منهما مبتدأ وخبر ، فنقول : جهنم للكافرين كما قال هؤلاء للنار وهؤلاء للجنة و ( يصلاها ) حال من جهنم . وقال
أبو البقاء : أو من الضمير الذي في ( له ) . وقال صاحب الغنيان : مفعول ( جعلنا ) الثاني محذوف ، تقديره مصيرا أو جزاء . انتهى . ( مذموما ) إشارة إلى الإهانة . ( مدحورا ) إشارة إلى البعد والطرد من رحمة الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19ومن أراد الآخرة ) أي : ثواب الآخرة بأن يؤثرها على الدنيا ، ويعقد إرادته بها ( وسعى ) فيما كلف من الأعمال والأقوال ( سعيها ) أي : السعي المعد للنجاة فيها . ( وهو مؤمن ) هو الشرط الأعظم في النجاة فلا تنفع إرادة ولا سعي إلا بحصوله . وفي الحقيقة هو الناشئ عنه إرادة الآخرة والسعي للنجاة فيها وحصول الثواب ، وعن بعض المتقدمين من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله : إيمان ثابت ، ونية صادقة ، وعمل مصيب ، وتلا هذه الآية ( فأولئك ) إشارة إلى من اتصف بهذه الأوصاف ، وراعى معنى من ؛ فلذلك كان بلفظ الجمع ، والله تعالى يشكرهم على طاعتهم ، وهو تعالى المشكور على ما أعطى من العقل وإنزال الكتب وإيضاح الدلائل ، وهو المستحق للشكر حقيقة ، ومعنى شكره تعالى المطيع الثناء عليه وثوابه على طاعته . وانتصب ( كلا ) بـ نمد ، والإمداد المواصلة بالشيء ، والمعنى : كل واحد من الفريقين ( نمد ) كذا قدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وأعربوا ( هؤلاء ) بدلا من ( كلا ) ولا يصح أن يكون بدلا من كل على تقدير : كل واحد ; لأنه يكون إذ ذاك بدل كل من بعض ، فينبغي أن يكون التقدير : كل الفريقين فيكون بدل كل من كل على جهة التفصيل . والظاهر أن هذا الإمداد هو في الرزق في الدنيا وهو تأويل
الحسن وقتادة ، أي : أن الله يرزق في الدنيا مريدي العاجلة الكافرين ، ومريدي الآخرة المؤمنين ويمد الجميع بالرزق ، وإنما يقع التفاوت في الآخرة ويدل على هذا التأويل (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20وما كان عطاء ربك محظورا ) أي : إن رزقه لا يضيق عن مؤمن ولا كافر .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20من عطاء ربك ) من الطاعات لمريد الآخرة والمعاصي لمريد العاجلة ، فيكون العطاء عبارة عما قسم الله للعبد من خير أو شر ، وينبو لفظ العطاء على الإمداد بالمعاصي . والظاهر أن ( انظر ) بصرية ; لأن التفاوت في الدنيا مشاهد ( وكيف ) في موضع نصب بعد حذف حرف الجر ; لأن نظر يتعدى به ، فانظر هنا معلقة . ولما كان النظر مفضيا وسببا إلى العلم جاز أن يعلق ، ويجوز أن يكون ( انظر ) من نظر الفكر فلا كلام في تعليقه إذ هو
[ ص: 22 ] فعل قلبي . والتفضيل هنا عبارة عن الطاعات المؤدية إلى الجنة ، والمفضل عليهم الكفار كأنه قيل : انظر في تفضيل فريق على فريق ، وعلى التأويل الأول كأنه قيل في تفضيل شخص على شخص من المؤمنين والكافرين ، والمفضول في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) محذوف تقديره من درجات الدنيا ومن تفضيل الدنيا .
وروي أن قوما من الأشراف ومن دونهم اجتمعوا بباب
عمر رضي الله عنه ، فخرج الإذن
nindex.php?page=showalam&ids=115لبلال وصهيب فشق على
أبي سفيان ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو : وإنما أتينا من قبلنا إنهم دعوا ودعينا - يعني إلى الإسلام - فأسرعوا وأبطأنا ، وهذا باب
عمر فكيف التفاوت في الآخرة ، ولئن حسدتموهم على باب
عمر لما أعد الله لهم في الجنة أكثر . وقرئ " أكثر " بالثاء المثلثة . وقال
ابن عطية : وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21أكبر درجات ) ليس في اللفظ من أي شيء لكنه في المعنى ، ولابد (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21أكبر درجات ) من كل ما يضاف بالوجود أو بالفرض ، ورأى بعض العلماء أن هذه الدرجات والتفضيل إنما هو فيما بين المؤمنين . وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في ذلك حديثا نصه :
إن أنزل أهل الجنة وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها وقد أرضى الله الجميع فما يغبط أحد أحدا . والخطاب في ( لا تجعل ) للسامع غير الرسول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره : الخطاب ل
محمد صلى الله عليه وسلم ، والمراد لجميع الخلق . ( فتقعد ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : من قولهم : شحذ الشفرة حتى قعدت كأنها حربة ، بمعنى صارت . يعني فتصير جامعا على نفسك الذم وما يتبعه من الهلاك من الذل والخذلان والعجز عن النصرة ممن جعلته شريكا له . انتهى . وما ذهب إليه من استعمال ( فتقعد ) بمعنى فتصير لا يجوز عند أصحابنا ، وقعد عندهم بمعنى صار مقصورة على المثل ، وذهب
الفراء إلى أنه يطرد جعل قعد بمعنى صار ، وجعل من ذلك قول الراجز :
لا يقنع الجارية الخضاب ولا الوشاحان ولا الجلباب من دون أن تلتقي الأركاب
ويقعد الأير له لعاب
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها بمعنى صار ، ف
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أخذ في الآية بقول
الفراء ، والقعود هنا عبارة عن المكث أي : فيمكث في الناس (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=22مذموما مخذولا ) كما تقول لمن سأل عن حال شخص هو قاعد في أسوأ حال ، ومعناه ماكث ومقيم ، وسواء كان قائما أم جالسا ، وقد يراد القعود حقيقة ; لأن من شأن المذموم المخذول أن يقعد حائرا متفكرا ، وعبر بغالب حاله وهي القعود . وقيل : معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=22فتقعد ) فتعجز ، والعرب تقول : ما أقعدك عن المكارم ، والذم هنا لاحق من الله تعالى ، ومن ذوي العقول في أن يكون الإنسان يجعل عودا أو حجرا أفضل من نفسه ، ويخصه بالكرامة ، وينسب إليه الألوهية ، ويشركه مع الله الذي خلقه ورزقه وأنعم عليه ، والخذلان في هذا يكون بإسلام الله ولا يكفل له بنصر ، والمخذول الذي لا ينصره من يحب أن ينصره . وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=22مذموما مخذولا ) على الحال ، وعند
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري على أنه خبر لتقعد ( كلا ) لمذكرين مثنى معنى اتفاقا مفردا لفظا عند البصريين على وزن فعل كمعي فلامه ألف منقلبة عن واو عند الأكثر ، مثنى لفظا عند الكوفيين ، وتبعهم
السهيلي فألفه للتثنية لا أصل ولامه لام محذوفة عند
السهيلي ولا نص عن الكوفيين فيها ، ويحتمل أن تكون موضوعة على حرفين على أصل مذهبهم ، ولا تنفك عن الإضافة وإن أضيف إلى مظهر فألفه ثابتة مطلقا في مشهور اللغات ، وكنانة تجعله كمشهور المثنى أو إلى مضمر ، فالمشهور قلب ألفه ياء نصبا وجرا ، والذي يضاف إليه مثنى أو ما في معناه . وجاء التفريق في الشعر مضافا لظاهر ، وحفظ الكوفيون كلاي وكلاك قاما ويستعمل تابعا توكيدا ومبتدأ ومنصوبا ومجرورا ، ويخبر عنه إخبار المفرد فصيحا ، وربما وجب ، وإخبار المثنى قليلا وربما وجب .
وَ ( جَعَلْنَا ) بِمَعْنَى صَيَّرْنَا ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ( جَهَنَّمَ ) وَالثَّانِي لَهُ ; لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ مِنْهُمَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ ، فَنَقُولُ : جَهَنَّمُ لِلْكَافِرِينَ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَهَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَ ( يَصْلَاهَا ) حَالٌ مِنْ جَهَنَّمَ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي ( لَهُ ) . وَقَالَ صَاحِبُ الْغُنْيَانِ : مَفْعُولُ ( جَعَلْنَا ) الثَّانِي مَحْذُوفٌ ، تَقْدِيرُهُ مَصِيرًا أَوْ جَزَاءً . انْتَهَى . ( مَذْمُومًا ) إِشَارَةٌ إِلَى الْإِهَانَةِ . ( مَدْحُورًا ) إِشَارَةٌ إِلَى الْبُعْدِ وَالطَّرْدِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ ) أَيْ : ثَوَابَ الْآخِرَةِ بِأَنْ يُؤْثِرَهَا عَلَى الدُّنْيَا ، وَيَعْقِدَ إِرَادَتَهُ بِهَا ( وَسَعَى ) فِيمَا كُلِّفَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ ( سَعْيَهَا ) أَيِ : السَّعْيَ الْمُعَدَّ لِلنَّجَاةِ فِيهَا . ( وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) هُوَ الشَّرْطُ الْأَعْظَمُ فِي النَّجَاةِ فَلَا تَنْفَعُ إِرَادَةٌ وَلَا سَعْيٌ إِلَّا بِحُصُولِهِ . وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ النَّاشِئُ عَنْهُ إِرَادَةُ الْآخِرَةِ وَالسَّعْيُ لِلنَّجَاةِ فِيهَا وَحُصُولُ الثَّوَابِ ، وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَلَاثٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عَمَلُهُ : إِيمَانٌ ثَابِتٌ ، وَنِيَّةٌ صَادِقَةٌ ، وَعَمَلٌ مُصِيبٌ ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( فَأُولَئِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ ، وَرَاعَى مَعْنَى مَنْ ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَشْكُرُهُمْ عَلَى طَاعَتِهِمْ ، وَهُوَ تَعَالَى الْمَشْكُورُ عَلَى مَا أَعْطَى مِنَ الْعَقْلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِيضَاحِ الدَّلَائِلِ ، وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلشُّكْرِ حَقِيقَةً ، وَمَعْنَى شُكْرِهِ تَعَالَى الْمُطِيعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ وَثَوَابُهُ عَلَى طَاعَتِهِ . وَانْتَصَبَ ( كُلًّا ) بِـ نُمِدُّ ، وَالْإِمْدَادُ الْمُوَاصَلَةُ بِالشَّيْءِ ، وَالْمَعْنَى : كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ( نُمِدُّ ) كَذَا قَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَأَعْرَبُوا ( هَؤُلَاءِ ) بَدَلًا مِنْ ( كُلًّا ) وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ كُلٍّ عَلَى تَقْدِيرِ : كُلُّ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ إِذْ ذَاكَ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : كُلُّ الْفَرِيقَيْنِ فَيَكُونُ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ عَلَى جِهَةِ التَّفْصِيلِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِمْدَادَ هُوَ فِي الرِّزْقِ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ تَأْوِيلُ
الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ ، أَيْ : أَنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ فِي الدُّنْيَا مُرِيدِي الْعَاجِلَةَ الْكَافِرِينَ ، وَمُرِيدِي الْآخِرَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَمُدُّ الْجَمِيعَ بِالرِّزْقِ ، وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ فِي الْآخِرَةِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ) أَيْ : إِنَّ رِزْقَهُ لَا يَضِيقُ عَنْ مُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ) مِنَ الطَّاعَاتِ لِمُرِيدِ الْآخِرَةِ وَالْمَعَاصِي لِمُرِيدِ الْعَاجِلَةِ ، فَيَكُونُ الْعَطَاءُ عِبَارَةٌ عَمَّا قَسَمَ اللَّهُ لِلْعَبْدِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ، وَيَنْبُو لَفْظُ الْعَطَاءِ عَلَى الْإِمْدَادِ بِالْمَعَاصِي . وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( انْظُرْ ) بَصَرِيَّةٌ ; لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الدُّنْيَا مُشَاهَدٌ ( وَكَيْفَ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَعْدَ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ ; لِأَنَّ نَظَرَ يَتَعَدَّى بِهِ ، فَانْظُرْ هُنَا مُعَلَّقَةٌ . وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ مُفْضِيًا وَسَبَبًا إِلَى الْعِلْمِ جَازَ أَنْ يُعَلَّقَ ، وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَ ( انْظُرْ ) مِنْ نَظَرِ الْفِكْرِ فَلَا كَلَامَ فِي تَعْلِيقِهِ إِذْ هُوَ
[ ص: 22 ] فِعْلٌ قَلْبِيٌّ . وَالتَّفْضِيلُ هُنَا عِبَارَةٌ عَنِ الطَّاعَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِمُ الْكُفَّارُ كَأَنَّهُ قِيلَ : انْظُرْ فِي تَفْضِيلِ فَرِيقٍ عَلَى فَرِيقٍ ، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ قِيلَ فِي تَفْضِيلِ شَخْصٍ عَلَى شَخْصٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ ، وَالْمَفْضُولُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ) مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مِنْ دَرَجَاتِ الدُّنْيَا وَمِنْ تَفْضِيلِ الدُّنْيَا .
وَرُوِيَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَشْرَافِ وَمَنْ دُونَهُمُ اجْتَمَعُوا بِبَابِ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَخَرَجَ الْإِذْنُ
nindex.php?page=showalam&ids=115لِبِلَالٍ وَصُهَيْبٍ فَشَقَّ عَلَى
أَبِي سُفْيَانَ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3795سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو : وَإِنَّمَا أُتِينَا مِنْ قِبَلِنَا إِنَّهُمْ دُعُوا وَدُعِينَا - يَعْنِي إِلَى الْإِسْلَامِ - فَأَسْرَعُوا وَأَبْطَأْنَا ، وَهَذَا بَابُ
عُمَرَ فَكَيْفَ التَّفَاوُتُ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَئِنْ حَسَدْتُمُوهُمْ عَلَى بَابِ
عُمَرَ لَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُ . وَقُرِئَ " أَكْثَرُ " بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ ) لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ لَكِنَّهُ فِي الْمَعْنَى ، وَلَابُدَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ ) مِنْ كُلِّ مَا يُضَافُ بِالْوُجُودِ أَوْ بِالْفَرْضِ ، وَرَأَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ وَالتَّفْضِيلَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَأَسْنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا نَصُّهُ :
إِنَّ أَنْزَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْفَلَهُمْ دَرَجَةً كَالنَّجْمِ يُرَى فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَقَدْ أَرْضَى اللَّهُ الْجَمِيعَ فَمَا يَغْبِطُ أَحَدٌ أَحَدًا . وَالْخِطَابُ فِي ( لَا تَجْعَلْ ) لِلسَّامِعِ غَيْرِ الرَّسُولِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ : الْخِطَابُ لِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَادُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ . ( فَتَقْعُدَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مِنْ قَوْلِهِمْ : شَحَذَ الشَّفْرَةَ حَتَّى قَعَدَتْ كَأَنَّهَا حَرْبَةٌ ، بِمَعْنَى صَارَتْ . يَعْنِي فَتَصِيرُ جَامِعًا عَلَى نَفْسِكَ الذَّمَّ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنَ الْهَلَاكِ مِنَ الذُّلِّ وَالْخِذْلَانِ وَالْعَجْزِ عَنِ النُّصْرَةِ مِمَّنْ جَعَلْتَهُ شَرِيكًا لَهُ . انْتَهَى . وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِعْمَالِ ( فَتَقْعُدَ ) بِمَعْنَى فَتَصِيرَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَقَعَدَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى صَارَ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْمَثَلِ ، وَذَهَبَ
الْفَرَّاءُ إِلَى أَنَّهُ يَطَّرِدُ جَعْلُ قَعَدَ بِمَعْنَى صَارَ ، وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَ الرَّاجِزِ :
لَا يُقْنِعُ الْجَارِيَةَ الْخِضَابُ وَلَا الْوِشَاحَانِ وَلَا الْجِلْبَابُ مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِي الْأَرْكَابُ
وَيَقْعُدَ الْأَيْرُ لَهُ لُعَابُ
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : قَعَدَ لَا يُسْأَلُ حَاجَةً إِلَّا قَضَاهَا بِمَعْنَى صَارَ ، فَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَخَذَ فِي الْآيَةِ بِقَوْلِ
الْفَرَّاءِ ، وَالْقُعُودُ هُنَا عِبَارَةٌ عَنِ الْمُكْثِ أَيْ : فَيَمْكُثُ فِي النَّاسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=22مَذْمُومًا مَخْذُولًا ) كَمَا تَقُولُ لِمَنْ سَأَلَ عَنْ حَالِ شَخْصٍ هُوَ قَاعِدٌ فِي أَسْوَأِ حَالٍ ، وَمَعْنَاهُ مَاكِثٌ وَمُقِيمٌ ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَمْ جَالِسًا ، وَقَدْ يُرَادُ الْقُعُودُ حَقِيقَةً ; لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَذْمُومِ الْمَخْذُولِ أَنْ يَقْعُدَ حَائِرًا مُتَفَكِّرًا ، وَعَبَّرَ بِغَالِبِ حَالِهِ وَهِيَ الْقُعُودُ . وَقِيلَ : مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=22فَتَقْعُدَ ) فَتَعْجِزَ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ : مَا أَقْعَدَكَ عَنِ الْمَكَارِمِ ، وَالذَّمُّ هُنَا لَاحِقٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمِنْ ذَوِي الْعُقُولِ فِي أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ يَجْعَلُ عُودًا أَوْ حَجَرًا أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَيَخُصُّهُ بِالْكَرَامَةِ ، وَيَنْسُبُ إِلَيْهِ الْأُلُوهِيَّةَ ، وَيُشْرِكُهُ مَعَ اللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ ، وَالْخِذْلَانُ فِي هَذَا يَكُونُ بِإِسْلَامِ اللَّهِ وَلَا يَكْفُلُ لَهُ بِنَصْرٍ ، وَالْمَخْذُولُ الَّذِي لَا يَنْصُرُهُ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَنْصُرَهُ . وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=22مَذْمُومًا مَخْذُولًا ) عَلَى الْحَالِ ، وَعِنْدَ
الْفَرَّاءِ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيِّ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِتَقْعُدَ ( كُلًّا ) لِمُذَكَّرَيْنِ مُثَنًّى مَعْنًى اتِّفَاقًا مُفْرَدًا لَفْظًا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ عَلَى وَزْنِ فَعْلٍ كَمَعْيٍ فَلَامُهُ أَلِفٌ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، مُثَنًّى لَفْظًا عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ ، وَتَبِعَهُمُ
السُّهَيْلِيُّ فَأَلِفُهُ لِلتَّثْنِيَةِ لَا أَصْلٌ وَلَامُهُ لَامٌ مَحْذُوفَةٌ عِنْدَ
السُّهَيْلِيِّ وَلَا نَصَّ عَنِ الْكُوفِيِّينَ فِيهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً عَلَى حَرْفَيْنِ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ ، وَلَا تَنْفَكُّ عَنِ الْإِضَافَةِ وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مُظْهَرٍ فَأَلِفُهُ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا فِي مَشْهُورِ اللُّغَاتِ ، وَكِنَانَةُ تَجْعَلُهُ كَمَشْهُورِ الْمُثَنَّى أَوْ إِلَى مُضْمَرٍ ، فَالْمَشْهُورُ قَلْبُ أَلِفِهِ يَاءً نَصْبًا وَجَرًّا ، وَالَّذِي يُضَافُ إِلَيْهِ مُثَنًّى أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ . وَجَاءَ التَّفْرِيقُ فِي الشِّعْرِ مُضَافًا لِظَاهِرٍ ، وَحَفِظَ الْكُوفِيُّونَ كِلَايَ وَكِلَاكَ قَامَا وَيُسْتَعْمَلُ تَابِعًا تَوْكِيدًا وَمُبْتَدَأً وَمَنْصُوبًا وَمَجْرُورًا ، وَيُخْبَرُ عَنْهُ إِخْبَارَ الْمُفْرَدِ فَصِيحًا ، وَرُبَّمَا وَجَبَ ، وَإِخْبَارَ الْمُثَنَّى قَلِيلًا وَرُبَّمَا وَجَبَ .